و أمّا العزلة الخاصّة، فهي الابتعاد عن جميع الناس. و هي و إن كانت
غير خالية من الفضيلة في العبادات و الأذكار، إلّا أنها تعتبر- عند مشايخ الطريق-
شرطاً في طائفة من الأذكار الكلاميّة بل في جميعها.
فالعزلة و الإبتعاد عن محلّ الإزدحام و الضوضاء و الأصوات المشوّشة
للحال و حلّيّة المكان و طهارته حتّى السقف و الجدران، و صغره بحيث لا يسع أكثر من
شخص واحد، و السعي أن لا يكون فيه أيّة زخارف دنيويّة، كلّ هذه باعثة على تركيز
الحواسّ.
يروى أنَّ أحد الأشخاص طلب من سلمان رضي الله عنه أن يجيز له بناء
بيت له، لأنه لم يكن قد امتلك بيتاً حتّى ذلك الزمان، و لما لم يجز له سلمان قال:
أنا أعرف لماذا لا تريد، فقال سلمان: ما هي العلّة؟ فقال البنّاء: سبب ذلك أنك
تريد بيتاً طوله و عرضه بمقدارك، و هذا ليس ميسوراً، فقال سلمان: بلى؛ قد صدقت.