و حاجته- غنيّ عن الدليل و البرهان، فلا
يحقّ لفرد الاعتراض على سؤال فقير ما، فافتراض الفقر فيه يوازي افتراض السؤال و
الطلب، فلا ينبغي للسالك- بناء على ذلك- أن يرتاب حينما يلمس من ذاته حرصاً أو
طمعاً خلال سيره و حركته، إذ ليس بمقدوره اجتثاث عنصر الطمع من ذاته بعد أن خلق
مفطوراً عليه. هذا من جانب، و من جانب آخر باعتبار أنَّ الفناء في الذات الإلهيّة-
المبتني على أساس عبادة الأحرار- لا يتلائم و داعي الطمع في النفس، فسوف تعتري
السالك حالة من الخوف و الهلع، و شعور بالاضطراب و المسكنة، تلك الحالة و ذلك
الشعور يأخذان بيد السالك ليتخطّى ذاته الملازمة لتلك الصفة، فلا تبقى- بعد اجتياز
هذه المرحلة- ذات لتكون محلًّا للحرص و الطمع. فافهَمْ و تأمَّل جيِّداً.
الصمت و السكوت، الجوع و قلّة الأكل
الثالث عشر: الصمت
و هو على قسمين: سكوت عامّ و مضاف، و سكوت خاصّ و مطلق. فالسكوت
العامّ و المضاف عبارة عن حفظ اللسان من التكلم بالقدر الزائد عن الضرورة مع
الناس، فيجب على السالك أن يكتفي بقدر الضرورة، و بأقلّ ما يمكن. و هذا الصمت لازم
في جميع مراحل السلوك، و في كلّ الأوقات، بل يمكن القول بأنه ممدوح في مطلق
الأحوال. و يشير إلى هذا الصمت قوله عليه