كلّا؛ أين تعلّم اللغة، من علم الكتاب؟! أين القشر، من اللباب؟! و
أين تصحيح الأخبار، من معرفة السّنن؟! أين الورم، من السّمن؟! و أين اختيار أحد
الآراء- بتوهّم الرّجحان- من معرفة الحديث و علم القرآن؟! أين رؤية القهرمان، من
مجالسة السّلطان؟! أين سماع الألفاظ، من ملاحضة الألحاظ[2]؟!
أين الرّواية، من الدّراية؟! أين الحيرة، من الهداية؟! كلّا؛ بل، «ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا، وَ هُمْ
يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً».[3]
لوم مَن لم يقنع بما يهمّه من أمر دينه و إيمانه
و من هؤلاء: من لم يقنع بما يهمّه من أمر دينه و إيمانه؛ بل، أراد أن
يفهم من أسرار الدّين ما ليس فهمه من شأنه؛ فأخذ في تحصيل ما لا يعنيه ففاته ما
يعنيه؛ ثمّ «اقتبس جهائل من جهّال، و أضاليل من ضلّال، و نصب للنّاس أشراكاً[4] من جبال غرور و قول زور. قد حمل
الكتاب على آرائه و عطف الحقّ على أهوائه.
[...] يقول: أقفُ عند الشّبهات؛ و فيها وقع؛ و يقول: اعتزل البدع و
بينها اضطجع [...] لا يعرف باب الهدى فيتّبعه، و لا باب العمى فيصدّ عنه. أين
يذهبون؟ و «أنّى