responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : شرح كلمات باباطاهر العريان؛ مسايل حكمية فى المعارف و المشاهدات الربانيه المؤلف : عين القضاة    الجزء : 1  صفحة : 98

بيان مخالفة النّفس‌

قال: (محبّة النفس بالحقيقة مخالفتها؛ و ذلك أنّ اللّه تعالى أحبّ أولياءه فابتلاهم، فمن أحبّ نفسه ابتلاها بالمكاره؛ لحقيقة الموافقة).

أقول: يعني من أحبّ نفسه ابتلاها بالمكاره على موافقة الحقّ، فإنّه يبتلي أحبّاءه و أولياءه بها؛ و ذلك أنّ النّفس لا تستحق مجاورة الرحمن في دار العقبى، إلّا بالطهارة عن دنس الهوى، و الخلوص عن قشور الحظوظ، فلا بدّ لها من الإذابة بنار الابتلاء في بوتقة المكاره، إمّا في الدنيا، أو في الآخرة بالعذاب.

و إذاقة المكاره في الدنيا هو العذاب الأدنى، و في الآخرة هو العذاب الأكبر، قال اللّه سبحانه: وَ لَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذابِ الْأَدْنى‌ دُونَ الْعَذابِ الْأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ‌ (21) [السّجدة: الآية 21]، و قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم: «حفّت الجنّة بالمكاره، و حفّت النار بالشهوات»[1]، فمن أحبّ نفسه ابتلاها بالمكاره في الدنيا، و اكتفى بالعذاب الأدنى عن الأكبر، و أنشد لإبراهيم الخوّاص في هذا المعنى:

صبرت على بعض الأذى خوف كلّه‌

و دافعت عن نفسي لنفسي فعزّت‌

و جرّعتها المكروه حتّى تدرّبت‌

و لو لم أجرّعها إذن لاشمأزّت‌

ألا ربّ ذلّ ساق للنفس عزّة

و يا ربّ نفس بالتذلّل عزّت‌

و قال: (تأتي عليّ أوقات أخرس فيها عن ذكر الجنّة، و ذلك لما أرى من نفسي من اهتشاشها إلى حظّها).

أقول: حثّ بهذا القول على ترك الحظّ، حيث لم يذكر الجنّة، لما فيها من اهتشاش النفس إلى حظّها.


[1] - رواه مسلم في صحيحه، كتاب الجنة ...، حديث رقم( 2822)[ 4/ 2174]؛ و الترمذي في سننه، باب ما جاء حفّت الجنة بالمكاره، و حفّت النار بالشهوات، حديث رقم( 2559)[ 4/ 693]؛ و رواه غيرهما.

اسم الکتاب : شرح كلمات باباطاهر العريان؛ مسايل حكمية فى المعارف و المشاهدات الربانيه المؤلف : عين القضاة    الجزء : 1  صفحة : 98
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست