اسم الکتاب : شرح كلمات باباطاهر العريان؛ مسايل حكمية فى المعارف و المشاهدات الربانيه المؤلف : عين القضاة الجزء : 1 صفحة : 91
ما شاهدها شيء، فهي الخالية عمّا سواه، فما
اضطراب الطبائع إلّا ضرب من الجهل.
3- أو بالحقّ، و هو أن يشاهد به أنّ حافظ القلب و ما فيه من السرّ
الإلهي هو اللّه، و لو لا حفظه لتلاشى وجوده فضلا عمّا فيه؛ كما قال اللّه تعالى
في حفظ كلّ الوجود: إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّماواتِ
وَ الْأَرْضَ أَنْ تَزُولا [فاطر: الآية 41].
و القلب في حفظ السرّ بمثابة اللّوح المحفوظ، الذي هو محلّ حفظ
الأشياء، و هو في الحقيقة محفوظ لا حافظ، فالحفظ بالعلم غفلة عن حقيقة الأمر في
نفسه، و بالحقيقة تكلّف؛ لإضافته إلى العبد، و بالحقّ عجز العبد عن ذلك؛ لقيامه
بالحقّ، لا به.
و قال: (حفظ القلب من وجهين: حافظ، و محفوظ، فالحافظ راع للحقيقة، و
المحفوظ راع للغفلة).
أقول: معناه أنّ حفظ القلب إن كان بالحقيقة فهو الحافظ، و إن كان
بالحقّ فهو المحفوظ، و القلب الحافظ هو الرّاعي للحقيقة، و القلب المحفوظ هو
الرّاعي للغفلة؛ أي الذهول عن الحفظ، لأنّه لا يرى الحافظ سوى الحقّ، فلا ينظر إلى
نفسه إلّا بالغفلة.
قال: (رعاية الحقيقة للمريدين، و رعاية الغفلة للمرادين).
أقول: المراد بالمريد المحبّ المجتهد، و بالمراد المجهود المحبوب،
خصّ رعاية الحقيقة بالمريد؛ لإضافة الحفظ إليه، و الغفلة بالمراد؛ لقيام حفظه
بالحقّ.
و قال: (رعاية الحقيقة بالنفس تحيّر، و بالعلم ضعف، و بالوجد قوة، و
بالحقّ إصابة).
أقول: أراد برعاية الحقيقة محافظة معناها، و هي مختلفة باختلاف أحوال
العبد، فإن كان قيامه بالنفس فرعايته بالنفس، و ذلك يورث التحيّر؛ لفقد التبصّر
بظلمتها، و إن كان بغيرها فرعايته إمّا بالحقّ، و هو إصابة المحو، أو بالعلم، و هو
ضعف الحال، أو بالوجد، و هو قوّة الحال.
اسم الکتاب : شرح كلمات باباطاهر العريان؛ مسايل حكمية فى المعارف و المشاهدات الربانيه المؤلف : عين القضاة الجزء : 1 صفحة : 91