اسم الکتاب : شرح كلمات باباطاهر العريان؛ مسايل حكمية فى المعارف و المشاهدات الربانيه المؤلف : عين القضاة الجزء : 1 صفحة : 43
و قال: (الفراسة إبراز السرّ، بإخراج السرّ).
أقول: إضافة الإبراز؛ أي الإظهار إلى السرّ؛ بمعنى الأمر الخفي،
إضافة المصدر إلى المفعول، و كذلك إضافة الإخراج إلى السرّ، بمعنى القلب.
أي: الفراسة إظهار الأمر الخفيّ، بإخراج القلب من ظلمة الحجاب إلى
نور الكشف.
بيان العقل و الروح و النفس و القلب
قال: (العقل آلة التمييز، و التمييز في المعرفة تكلّف، و التكلّف
للمعرفة اكتساب، و المعرفة بالاكتساب حيرة، و لا يعرف اللّه إلّا باللّه).
أقول: الآلة ما يقع بواسطته أثر الفاعل في المنفعل، و هي صناعيّة
كالقدّوم للنجّار، و علميّة كالعقل الواقع بواسطته أثر التمييز في المميّز، و أراد
بالتمييز تمييز العارف عن المعروف، و التكلّف إظهار الفاعل بالكلفة من نفسه شيئا
ليس فيه حقيقة، و اللّام في (التكلّف) لتعريف العهد، و الاكتساب السعي في تحصيل
المطلوب، سواء حصل أم لا، و الكسب مجرّد الحصول، سواء بالسعي أم لا؛ ككسب
المواريث.
و أشار إلى هذا الفرق قوله تعالى:
لَها ما كَسَبَتْ وَ عَلَيْها مَا اكْتَسَبَتْ
[البقرة: الآية 286]؛ لأنّ المثوبة قد تكون على مجرّد النيّة دون العمل، و العقوبة
لا تكون إلّا باقتران العمل بها، و اللّام في (للمعرفة) صلة الاكتساب.
أي: تكلّف العارف في معرفته بإظهار التمييز سعي لحصول المعرفة، و
المعرفة الحاصلة بالسعي حيرة و هيمان؛ لأنّ اللّه سبحانه و تعالى لا يعرف إلّا
بنفسه.
و قال: (العقل سراج العبوديّة، يعرف به الحقّ من الباطل، و الطاعة من
المعصية، و العلم من الجهل، فإذا نظر الناظر بسراج العبوديّة إلى معرفة الربوبيّة،
أطفأ نور الربوبيّة سراج العبوديّة، فصار الناظر من ظلمة الحيرة لا يعرف عبوديّة،
و لا يهتدي إلى ربوبيّة).
اسم الکتاب : شرح كلمات باباطاهر العريان؛ مسايل حكمية فى المعارف و المشاهدات الربانيه المؤلف : عين القضاة الجزء : 1 صفحة : 43