اسم الکتاب : شرح كلمات باباطاهر العريان؛ مسايل حكمية فى المعارف و المشاهدات الربانيه المؤلف : عين القضاة الجزء : 1 صفحة : 41
أقول: أراد بالإلهام خاطر الحقّ، و بالوسوسة
خاطر الشيطان، و باللّمة خاطر الملك، و بالهاجس خاطر النفس، و اللّمة في قوله 6 و صحبه و سلّم: «إنّ للشيطان لمّة بابن آدم، و للملك لمّة»[1]، كذلك بابن آدم أعمّ، و الهاجس ما
يقع في القلب من حديث النفس، و الفراسة اطّلاع بنور تنوير اللّه سبحانه على باطن
أحوال الخلق؛ كما قال 6: «اتّقوا فراسة المؤمن، فإنّه ينظر
بنور اللّه عزّ و جلّ»[2].
و قوله: (من عرف الإلهام من الوسوسة)؛ أي ميّز بين خاطر الحقّ و
الشيطان، و لمّة الملك و النفس، صحّت له الفراسة؛ لأنّها نتيجة الخاطر الصحيح، و
هذا كما قال: (أوّل بدايات أهل المعرفة تحقيق خواطر القلوب).
و إنّما ذكر الإلهام و الوسوسة في قرن واحد؛ لأنّهما يشتركان في قذف
المعنى في القلب، و يتميّزان بأنّ الإلهام قذف الحقّ من اللّه سبحانه في باطن
القلب المسمّى فؤادا، و الوسوسة قذف الباطل من الشيطان في ظاهر القلب المسمّى
صدرا؛ كما قال سبحانه في وصفه: الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي
صُدُورِ النَّاسِ (5) [الناس: الآية 5].
و كما أنّ الحق ثابت لثبات القاذف له سبحانه، فالباطل زائل لزوال
القاذف به؛ لأنّ الوسواس خنّاس، يخنس عن الذكر، قال 6 و صحبه
و سلّم: «إنّ الشيطان ليضع خرطومه على قلب بني آدم، فإذا ذكر اللّه خنس»[3].
و لذلك جمع بين اللّمة و الهاجس؛ لاشتراكهما في جنس الحثّ على
الشيء، و افتراقهما بالنوع؛ إذ الملك يحثّ على موافقة العلم ظاهرا و باطنا، و
النفس على مخالفته، و هي أظهرت في الظاهر موافقته، و أضمرت في الباطن مخالفته؛
بطلب حظّ خفيّ، و غرض دنيّ.
[2] - رواه الترمذي في سننه، باب و من سورة الحجر، حديث
رقم( 3127)[ 5/ 298].
[3] - روى نحوه ابن أبي شيبة في مصنّفه عن عبد اللّه بن
عباس، حديث رقم( 34774)[ 7/ 135]؛ و أبو يعلى في مسنده عن أنس بن مالك، حديث رقم(
4301)[ 7/ 278] و روى نحوه غيرهما.
و نصّه عند أبي يعلى هو:« قال صلى
اللّه عليه و سلم:« إن الشيطان واضع خطمه على قلب ابن آدم، فإن ذكر اللّه خنس، و
إن نسي التقم قلبه، فذلك الوسواس الخنّاس»».
اسم الکتاب : شرح كلمات باباطاهر العريان؛ مسايل حكمية فى المعارف و المشاهدات الربانيه المؤلف : عين القضاة الجزء : 1 صفحة : 41