اسم الکتاب : شرح كلمات باباطاهر العريان؛ مسايل حكمية فى المعارف و المشاهدات الربانيه المؤلف : عين القضاة الجزء : 1 صفحة : 39
و قال: (أوّل بدايات أهل المعرفة تحقيق
خواطر القلوب، و عوارض الأسرار، و مطالبة خفيّ الحظّ؛ بمعرفة خفاء السرّ، و غلبة
غيرة الوجود، حتّى تكون المعرفة محيطة بالجميع).
أقول: التحقيق بيان الحقيقة، و الخاطر ما يخطر بالقلب، و قد يطلق على
القلب، و السرّ في الأصل بمعنى الخفيّ، قال سبحانه:
يَعْلَمُ السِّرَّ وَ أَخْفى [طه: الآية 7]، و يطلق تارة
على القلب، و هو المراد في هذا الموضع، و تارة على ما فيه من المعاني، و الخفاء
مصدر بمعنى الخفيّ هنا، و حتى بمعنى كي.
و للمعرفة بدايات و هي معرفة أفعال المخلوقات، و نهايات و هي معرفة
الذات و الصفات الأزلية، و الشيخ- رحمة اللّه عليه- جعل أوّل البدايات تحقيق أمور
ثلاثة، و هي:
1- خواطر القلوب.
2- و عوارض الأسرار.
3- و مطالبة الحظّ الخفيّ بأحد أمرين:
أ- معرفة خفيّات أحوال القلب.
ب- و غلبة غيرة الوجود، بمعنى الوجد.
فالنظر في مطلبين:
1- تحقيق الأمور الثلاثة.
2- و كونه أوّل بدايات أهل المعرفة.
أمّا تحقيق الخواطر، فمعرفة مصادرها، و هي أربعة؛ لأنّ صدور الخاطر،
إمّا من الحقّ و آيته نفي الحظّ، أو من النفس و آيته طلب الحظّ، أو من الملك و
علامته الحثّ على الطاعة، أو من الشيطان و علامته الحثّ على المعصية، و ما جاء في
الحديث: «ألا ذكرا للمّتين؛ لمّة الشيطان، و لمّة الملك»[1]؛
لأنّ بين
[1] - رواه الترمذي في سننه بلفظ:« إن للشيطان لمّة
بابن آدم و للملك لمّة، فأما لمّة الشيطان فإيعاد بالشر و تكذيب بالحق، و أما لمّة
الملك فإيعاد بالخير و تصديق بالحق، فمن وجد ذلك فليعلم أنه- من اللّه فليحمد
اللّه، و من وجد الأخرى فليتعوّذ باللّه من الشيطان الرجيم، ثم قرأ
الشَّيْطانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَ يَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشاءِ[
البقرة: الآية 268]».( باب و من سورة البقرة، حديث رقم( 2988)[ 5/ 219] و رواه أبو
يعلى في مسنده عن عبد اللّه بن مسعود، حديث رقم( 4999)[ 8/ 417] و رواه غيرهما.
اسم الکتاب : شرح كلمات باباطاهر العريان؛ مسايل حكمية فى المعارف و المشاهدات الربانيه المؤلف : عين القضاة الجزء : 1 صفحة : 39