اسم الکتاب : شرح كلمات باباطاهر العريان؛ مسايل حكمية فى المعارف و المشاهدات الربانيه المؤلف : عين القضاة الجزء : 1 صفحة : 145
بيان الفناء و البقاء
قال: (حقيقة الفناء في حقائق البقاء عن جميع وصف ثابت، و رؤية قائمة،
و حالة موجودة).
أقول: الفناء و البقاء حالتان لمن فنى في الحقّ بالحقّ عن الباطل، و
لهما ثلاث مراتب:
الأولى: فناء العبد عن أفعاله، و أفعال الخلق كلّهم في بقاء فعل
اللّه عزّ و جلّ.
و الثانية: فناؤه عن وصفه، و أوصاف الكلّ في بقاء أوصاف الحقّ.
و الثالثة: فناؤه عن ذاته، و ذوات المخلوقين في بقاء ذات الحقّ.
و المذكور في هذا الفصل فناء الأوصاف، و وجوده يستلزم فناء الأفعال،
و كماله يستلزم[1] فناء
الذات، و صاحب هذا الفناء لا يرى وصفا إلّا قائما بالحقّ، حتى رؤية هذا المعنى، و
هي حالة فناء هذه الرؤية.
و قوله: (حقيقة الفناء) مبتدأ خبره محذوف، تقديره حقيقة هي الفناء في
حقائق البقاء، عبّر عن الصفات الإلهيّة بحقائق البقاء، إشارة إلى أنّها حقائق
باقية، و صفات الخلق مجازات فانية.
و قال: (من شهد الفناء في الفناء، يشاهد للبقاء، لا للفناء).
أقول: يعني من كان في فنائه عالما بفنائه، كان شهوده هذا لما بدا له
من البقاء باللّه تعالى، لا لأجل البقاء.
و قال: (من فنى بالحقّ أقامه مقام فنائه، فحقيقة الحقّ محرّكه بمراد
الحقّ، و من أفناه الحقّ حرّكه مراد الحقّ بموافقه).
أقول: فرّق بين فناء المحبّ و المحبوب؛ بأنّ المحبّ الفاني الباقي
بالحقّ، أقام الحقّ مقام حقيقة فنائه، فإذن حقيقة الحقّ تحرّكه بمراده مطلقا، و
أنّ المحبوب الذي أفناه الحقّ بحركة مراده مع موافقة حكم الشرع.