اسم الکتاب : شرح كلمات باباطاهر العريان؛ مسايل حكمية فى المعارف و المشاهدات الربانيه المؤلف : عين القضاة الجزء : 1 صفحة : 13
و الحاصل: أنّ العلم دليل عامّ للغائبين إلى
الحضور، و الحكمة دليل خاصّ للحاضرين إلى فهم الخطاب، و تقديم العلم على الحكمة
هنا، لتقدّم العام على الخاصّ، و على العكس في الآية؛ لأنّ المرتّب في الدعوة أن
ينظر الداعي إلى المدعوّ، فإن وجده أهلا للحكمة دعاه بها، و إلّا فبالعلم و
الموعظة.
و الدعوة تستدعي داعيا، و مدعوّا إليه، و مدعوّا به، فالدّاعي هو
الرسول 6، و المدعوّ إليه هو اللّه سبحانه، كما قال في وصف
نبيّه:
وَ داعِياً إِلَى اللَّهِ
[الأحزاب: الآية 46]، و المدعوّ به هو العلم و الحكمة، و المدعوّ جميع الناس.
و قوله تعالى: ادْعُ إِلى سَبِيلِ
رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَ الْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ
[النّحل: الآية 125]، يتضمّن جميع ما قلناه.
بيان نسبة العلم و الوجد للحقّ
قال: (العلم دليل، و الحكمة توسل).
أقول: سبق معنى قوله: (العلم دليل).
و أمّا قوله: (الحكمة توسّل)، فمعناه: أنّها وسيلة إلى فهم مرادات
الحقّ، و الاطّلاع على حكمه في تصاريف الأحكام، و التوسّل في الأصل اتّخاذ
الوسيلة، و هنا بمعنى الوسيلة، و هي التي يتوصّل بها إلى المطلوب.
قال: (العلم يدلّ عليه، و الوجد يدلّ له، و الدليل عليه يجذب إلى
قربه، و الدليل له يجذب إليه).
أقول: الضمائر في قوله: عليه، و له، و إليه، و قربه، كلّها كنايات عن
الحقّ تعالى، و في قوله: (يدلّ عليه) و (له) إضمار؛ أي العلم يدلّ العبد على
الربّ، و الوجد يدلّ الربّ على العبد، و الدليل هنا وسيلة المحبّ إلى المحبوب.
و بيان هذا: أنّ العبد المجذوب إلى ربّه، إمّا محبّ، و دليله العلم
الباعث على التقرّب إليه بالطاعة، فهو مجذوب إلى قربه. و إمّا محبوب، و الدليل
عليه
اسم الکتاب : شرح كلمات باباطاهر العريان؛ مسايل حكمية فى المعارف و المشاهدات الربانيه المؤلف : عين القضاة الجزء : 1 صفحة : 13