اسم الکتاب : شرح كلمات باباطاهر العريان؛ مسايل حكمية فى المعارف و المشاهدات الربانيه المؤلف : عين القضاة الجزء : 1 صفحة : 12
قال: (رؤية العلم عجز المريدين).
أقول: يعني، أنّ الرؤية العلمية حال أهل البداية من المريدين،
العاجزين عن البلوغ إلى شهود المعروف.
قال: (العلم دليل، و الحكمة ترجمان، فالعلم دعوة معمومة، و الحكمة
دعوة مخصوصة).
أقول: فرّق بين العلم و الحكمة، فحكم على العلم بأنّه دليل، و على
الحكمة بأنّها ترجمان، و المراد بالحكمة معرفة حقيقة الشيء.
و قوله: (العلم دليل) يحتمل العلم الاستدلالي، و الشرعي.
فعلى الأوّل: معناه، أنّ العلم الاستدلالي دليل لمعرفة الباري
سبحانه؛ كما مرّ. (و الحكمة ترجمان)، أي مفسّر خطابه، و مبيّن كلماته التي ينفد
البحر دون نفادها، و هي الموجودات الصادرة عنه سبحانه، الخبيئة في المعاني و
الحكم.
و على الثاني: معناه، على أنّ العلم الشرعي دليل الأحكام، و الحكمة
مبيّن حكم الأحكام.
و العلم و الحكمة دليلان في الدعوة إلى اللّه سبحانه؛ كما قال: ادْعُ إِلى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَ الْمَوْعِظَةِ
الْحَسَنَةِ [النّحل: الآية 125]؛ أي العلم الذي به سقط البأس.
و ليست المجادلة في قوله تعالى:
وَ جادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ [النّحل: الآية 125]
رتبة من رتب الدعوة، و إنّما هي الدافعة للمنازعة، و عطفها على الأمر بالدعوة، لا
على المدعوّ به، يشهد بذلك.
و الفاء في قوله: (فالعلم) تتضمّن تقدير مجمل، يفصّله قولنا: العلم و
الحكمة دعوتان، (فالعلم دعوة معمومة، و الحكمة دعوة مخصوصة)، و إنّما أتى بمعمومة
بدل عامّة؛ لمجانسة مخصوصة. و الدلالة لا تختصّ بالعلم، بل تتناول الحكمة أيضا؛
لأن الحكمة دليل فهم الخطاب، و إنّما حكم عليها بأنّها ترجمان؛ ليذكرها بأخصّ
الأسماء، و ليشير إلى أنّ الانتفاع بالحكمة لأهل الشهود، فإنّ الترجمان بين
المتخاطبين يكون عند التشاهد غالبا.
اسم الکتاب : شرح كلمات باباطاهر العريان؛ مسايل حكمية فى المعارف و المشاهدات الربانيه المؤلف : عين القضاة الجزء : 1 صفحة : 12