اسم الکتاب : نور الحقيقة ونور الحديقة في علم الأخلاق المؤلف : الشیخ البهائي الجزء : 1 صفحة : 72
و لا شك ان العقل و العلم سعادة، و ان قلّ معهما المال، و الحمق و الجهل
حرمان و ادبار، و ان اتسعت معهما الحال.
و كيف يكون
الجاهل الغني رفيعا و الجهل وضعه؟
أم كيف يكون
العالم الفقير وضيعا و العلم رفعه؟
و لهذا قالوا:
الجاهل صغير و ان كان شيخا، و العالم كبير و ان كان صغيرا.
قال ابن
المعتز: نعمة الجاهل كروضة على مزبلة.
و قالوا: الجهل
من أعظم المصائب و أخذل الصواحب، لانك لا ترى الجاهل الا مفرطا او مفرّطا.
و قال علي 7: لا داء أعيى من الجهل.
و قالوا: لسان
الجاهل مفتاح حتفه.
و حينئذ أقول:
ان العلم لشرف عظيم فى نفسه مع قطع النظر عما يترتب عليه في الدنيا و الاخرة، و
أدنى ما هناك: أن من لم يكتسب بالعلم ما لا اكتسب به في الدنيا جمالا و في الاخرة
اقبالا.
و أما ما يحصل
به من الابتهاج النفسي و اللذة العقلية فمما لا يتصور أدناه الجنان، و لا يعرب عن
مباديه ذو الفصاحة و البيان، اذ هو مختلف المقادير و الاحوال بحسب اختلاف الرجال
في الاكثار منه و الاقلال.
بل غاية ما
أقول: من لم يذق لم يعرف المحصول.
فينبغي لمن زهد
فيه أن يكون فيه راغبا، و لمن رغب فيه أن يكون له طالبا، و لمن طلبه أن يكون منه
مستكثرا، و لمن استكثر منه أن يكون به عاملا، و لا يطلب لتركه احتجاجا، و لا
لتقصيره عذرا، و لا يسوّف نفسه بالمواعيد الكاذبة، و يمنّيها بانقطاع الاشغال
المتصلة فان لكل وقت شغلا و لكل زمان
اسم الکتاب : نور الحقيقة ونور الحديقة في علم الأخلاق المؤلف : الشیخ البهائي الجزء : 1 صفحة : 72