اسم الکتاب : نور الحقيقة ونور الحديقة في علم الأخلاق المؤلف : الشیخ البهائي الجزء : 1 صفحة : 148
تجارة، و كسب صناعة.
قال المأمون:
من خرج عنها كان كلا عليها.
فلنصف حال كل
واحد منها بما أدى اليه النظر و اقتضته الحال:
أما الاول: فهو
مادة أهل الحضر و سكان الامصار. و الاستمداد بها أعمّ نفعا، و من ثم ضرب اللّه
تعالى المثل فقال: «مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ
كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ
حَبَّةٍ»[1].
و عن النبي
7: خير المال عين ساهرة لعين نائمة.
و قال 7: الرزق في خبايا الارض. يعني: الزرع.
و قال كسرى
لبعض جلسائه: ما قيمة تاجي هذا؟ فاطرق ساعة ثم قال: ما أعرف له قيمة الا مطرة في
أرض معوزة، فانها تصلح من معائش الناس ما يكون مثل قيمة تاج الملك. فأعجب كسرى
بجوابه.
و أما الثانى:
فهو مادة أهل الفلوات، و سكان الخيام، لانهم لما لم يضمّهم دار، افتقروا الى
الاموال المنتقلة التي لا ينقطع نماؤها بالرحلة، فاختاروا الحيوان، لانه يستقل في
النقلة بنفسه و يستغني في العلوفة برعيه، و منه مركوب و محلوب فهو لهم أفضل لقلّة
مؤنته عليهم، ارشادا من اللّه تعالى لعباده في تدبير المصالح.
و أما الثالث:
أعني التجارة: فقد روي أنها تزيد في العقل و ان تركها ينقصه.
قال النبي 7: تسعة أعشار الرزق في التجارة، و الباقي في السائبات.
ثم هي نوعان:
تقلب في الحضر من غير سفر، و هو احتكار رغب فيه أولوا