أما الزهد: فهو
في أصل اللغة عدم الرغبة، من زهد في الشيء: اذا لم يرغب فيه، و أما في الاصطلاح:
فهو سجيّة في النفس تقتضي تحقير الدنيا و حطامها تحقيرا يمنع من طلبها و الرغبة
فيها.
و على هذا فقد
يكون الغني ذو الاموال الجزيلة زاهدا، و الفقير الذي لا يملك شيئا راغبا.
و لهذا قال
البسطامي: ليس الزاهد من لا يملك شيئا، و لكنه الذي لا يملكه شيء.
و هو من أعظم
المقاصد، و أجل الموارد، حيث به يكون رضا اللّه تعالى لانه قد أمر به و حثّ عليه،
و رضا الناس، لانّ محبوب كلّ أحد من ترك منازعته فيما يديه، و كفى بذلك رفعة و
راحة.
و الباعث عليه-
مع كرم النفس و شرفها- عقل بصير و نظر خطير كشفا عن دناءة الدنيا و كثرة معائبها،
فعلما أنها جديرة باستحقارها و الزهد فيها، و أوجبا الرغبة في رضا اللّه بدلا
منها، و الثقة بحصول ما عنده عوضا عنها.
قال بعضهم:
الزهد بصحة اليقين، و صحة اليقين بنور الدين.
و قال سعيد بن
المسيب: مرّبي ابن أشيم فما تمالكت أن نهضت اليه