الهدية في وجه المهدي لها كسرا عظيما لخاطره، فلا يصدر عن الكريم.
و منها: انطباق
الكلام في هذه السورة الكريمة على قانون السلوك و السير إلى الحقّ سبحانه، و
جريانه على وفق حال السالك من مبادئ سيره إلى حين وصوله من اشتغاله بالذكر و الفكر
و التأمّل في أسمائه و النظر في آلائه و الاستدلال بصنائعه على عظم[1]
شأنه و باهر سلطانه، ثمّ لا يزال على ذلك، حتّى تلوح له بروق الظهور، و تبدو له
تباشير عزّ الحضور، و تؤدّيه رياضة المجاهدة إلى روضة المشاهدة، فيخوض حينئذ لجّة
الوصول، و تحترق حجب الغيبة بأنوار الشهود. رزقنا الله- سبحانه- و سائر الأحباب
ذلك بمنّه و كرمه.
فقد تضمّنت هذه
السورة شرح آداب السير إلى ذلك الباب، و تعليم قانون العروج إلى تلك الأعتاب، و
الإرشاد إلى ما هو ثمرة ذلك السير و نتيجته من المقامات العزيزة المنال، و الغايات
التي لا يكشف عنها المقال؛ و لعلّ ذلك هو المقتضي لوجوب قراءتها في الصلاة التي هي
معراج العبد.
و منها: أنّ
الحمد لمّا كان عبارة عن إظهار صفات الكمال، و النداء على الجميل- كما قاله صاحب
الكشّاف[2]
و غيره[3]-
يكون المخاطب به غيره تعالى؛ إذ لا معنى لإظهار صفاته العليا عليه- جلّ شأنه-،
فالمناسب له طريق الغيبة. و أمّا العبادة: فهي أمر بين العبد و ربّه، فلا وجه
لإظهارها على الأغيار، بل ينبغي كتمانها عمّا عدى المعبود، و عدم إظهارها لأحد
سواه؛ فالأنسب بها طريق الخطاب.
و منها: التلويح
بما ورد في الحديث: «اعبد الله كأنّك تراه»[4]؛ ففي هذا الالتفات إشعار بأنّ
العبادة السالمة عن القصور هي التي يكون العابد حال الاشتغال بها