و دعوى امتيازه بإشعاره بآلائها إلى المثنيّ عليه دون المدح ممّا لم
يثبت.
و ما جاء في
الحديث- من نفي الشكر عمّن لم يحمد[1]-،
و ما ذكروه- من أنّ حمدنا له (جلّ شأنه) يشمل الموارد الثلاثة- لا يقدحان في الأوّل،
كما أنّ ما اشتهر- من حمده (سبحانه) على الصفات الذاتيّة، و ما ورد من إثبات
المحموديّة لغير الفاعل، فضلا عن المختار في قوله تعالى: مَقاماً مَحْمُوداً[2]، و قولهم:
«عند الصباح
يحمد القوم السّرى»[3]
إلى غير ذلك- لا يقدحان في الثاني؛ إذ الغرض المبالغة، بناء على كون الحمد أكمل
شعب الشكر و أشيعها؛ و معنى الشمول كون كلّ من الموارد الثلاثة حامدا له سبحانه
بنفسه، كما قال تعالى: وَ إِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ[4].
و الحمد على
الصفات باعتبار الآثار المترتّبة عليها[5]، أو على نفس الذات المقدّسة؛
بناء على ما هو التحقيق من العينيّة؛ أو لتنزيلها منزلة أفعال اختياريّة لاستقلال
الذات بها و كونها كافية فيها، و مجيء المحمود بمعنى المرضيّ غير عزيز في اللغة،
أو هو من قبيل صفة الشيء بوصف صاحبه.
هذا، و قد عرفت
فيما سبق أنّ هذه السورة الكريمة مقولة عن ألسنة العباد[6]، و لا ريب أنّ حمدهم جار على
طبق ما يعتقدونه ثناء، و يعدّونه مدحا و تمجيدا،
[1].« إتحاف السادة المتّقين» ج 9، ص 49؛« كنز العمّال»
ج 3، ص 255، ح 6419؛« الكشّاف» ج 1، ص 47، و فيه:
قوله
عليه الصلاة و السلام:« الحمد رأس الشكر، ما شكر الله عبد لم يحمده».