الرحمة رقّة في
القلب و تأثّر يقتضي التفضّل و الإحسان؛ و يوصف بها- سبحانه- باعتبار غايتها التي
هي فعل لا باعتبار مبدئها الذي هو انفعال؛ لتنزّهه- جلّ شأنه- عنه، و أكثر أسمائه-
تعالى- تؤخذ بهذا الاعتبار، ك الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ و هما صفتان مشبّهتان
من «رحم» بعد جعله لازما بمنزلة الغرائز بنقله إلى «رحم» بالضمّ.
و الأظهر منع
صرف «رحمن»؛ لإلحاقه بالغالب في بابه، لا لتحقّق الشرط من انتفاء «فعلانة»،
باختصاصه بالله- سبحانه-؛ لأنّه عارض مع انتفاء الشرط عند من اعتبر وجود «فعلى».
و هو أبلغ من
الرحيم؛ لأنّ زيادة المباني تنبىء في الأغلب عن زيادة المعاني، كما في «قطع» و
«قطّع». و هي هنا إمّا باعتبار الكمّ، و عليه حملوا ما ورد في الدعاء المأثور: «يا
رحمن الدنيا و رحيم الآخرة»[1]؛
لشمول رحمة الدنيا للمؤمن و الكافر، و اختصاص رحمة الآخرة بالمؤمن؛ و إمّا باعتبار
الكيفيّة، و عليه حملوا ما ورد في الدعاء أيضا: «يا رحمن الدّنيا و الآخرة و رحيم
الدّنيا»[2]؛
لجسامة نعم الآخرة بأجمعها، بخلاف نعم الدنيا.
[1].« تفسير البغوي» ج 1، ص 38؛« كشف الأسرار و عدّة
الأبرار» ج 1، ص 7.
[2].« الصحيفة السجّاديّة» ضمن دعاء( 54)، في استكشاف
الهموم؛« عيون أخبار الرضا 7» ج 2، ص 19، باب 30، ذيل الحديث 37، و
فيهما:« يا رحمن الدنيا و الآخرة و رحيمها».