إن
قلت: كيف يستقيم القول بأنّ أهل المحشر يحتجّون لأنفسهم و يجادلون في خلاصها مع ما
ورد من أنّه يختم على أفواههم، و انّما تنطق جوارحهم كما قال اللّه تعالى: الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلى أَفْواهِهِمْ وَ تُكَلِّمُنا أَيْدِيهِمْ وَ
تَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِما كانُوا يَكْسِبُونَ[2]؟
قلت:
لعلّ ذلك مخصوص بالكفّار كما قاله بعض المفسّرين، أو أنّ هذا الختم يكون بعد
الاحتجاج و المجادلة كما في بعض الروايات.
و
قد ورد أنّ بعض الأعضاء تحتجّ لصاحبها كما جاء في بعض الأخبار: «تشهد أعضاؤه عليه
بالزلّة، فتتطاير شعرة من جفن عينيه فتستأذن في الشهادة، فيقول الحقّ تعالى:
تكلّمني يا شعرة عينيه و احتجّي لعبدي، فتشهد له بالبكاء من خوفه، فيغفر له و
ينادي مناد. هذا عتيق اللّه بشعرة»[3].
و
على هذا فلا يلزم من الختم على الأفواه عدم وجود المحاجّة[4] انّما يلزم عدم تحقّقها باللسان
فتدبّر.
بيان
و تفسير [تحقيق في كلمة اليسار]
معنى
«الخلد في الجنان بيساري» لا يخلو من خفاء. و هو يحتمل وجوها:
الأوّل:
أنّه يقال في الشيء الذي حصّله الإنسان من غير مشقّة و تعب فعلته بيساري. فالمراد
هنا طلب الخلود في الجنّة من غير أن يتقدّمه
[1] مجمع البيان: ج 9- 10 ص 449 في ذيل الآية( 6) من سورة
الانفطار.