responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الأنوار النعمانية المؤلف : الجزائري، السيد نعمة الله    الجزء : 1  صفحة : 241

فكانت تميد و تضطرب بأهلها و تغوص قطعة منها و تخرج قطعة و لما ارساه اللّه تعالى بالجبال و ثقّلها قاومت الماء و امواجها بذلك الثقل فكانت كالاوتاد مثبتة لها.

و ثانيها ما قاله الرازي ايضا بعد ان زيّف الوجه الاول بايراد اشكالات كما هو شأنه في التشكيك حتى ان المحقق الداماد قدس اللّه زكي ترتبته سمّاه شيخ المشككين لكثرة تشكيكه في المسائل، قال و الذي عندي في هذا الموضع المشكل ان يقال انه ثبت بالدلائل اليقينة ان الارض كرة، و ان هذه الجبال على سطح هذه الكرة جارية مجرى خشونات و تضريسات تحصل على وجه هذه الكرة، اذا ثبت هذا فنقول اذا فرضنا هذه الخشونات ما كانت حاصلة بل كانت الارض كرة حقيقية خالية عن هذه الخشونات و التضريسات لصارت بحيث تتحرك بالاستدارة بأدنى سبب لان الجرم البسيط المستدير و ان لم يجب كونه متحركا بالاستدارة عقلا الا انه بأدنى سبب يتحرك على هذا الوجه اما اذا حصل على سطح كرة الارض هذه الجبال و كانت كالخشونات الواقعة على وجه الكرة فكل واحد من هذه الجبال انما يتوجه طبعه الى مركز العالم، و توجه ذلك العالم نحو مركز العالم بثقله العظيم و قوته الشديدة يكون جاريا مجرى الوتد الذي يمنع كرة الارض من الاستدارة فكان تخليق هذه الجبال على الارض كالاوتاد المغروزة في الكرة المانعة لها من الحركة المستديرة او كانت مانعة للارض عن الميد و الميل و الاضطراب بمعنى انها منعت الارض عن الحركة المستديرة، فهذا ما وصل اليها خاطري في هذا الباب و اللّه اعلم، و اعترض بعض افاضل العصر عليه بوجوه كثيرة لا نطول الكلام بذكرها.

و ثالثها ما قاله بعض مشائخنا من ان يكون مدخلية الجبال بعدم اضطراب الارض بسبب اشتباكها و اتصال بعضها في بعض اعماق الارض بحيث يمنعها عن تفتت اجزائها انفكاكها، فهي بمنزلة الاوتاد و المسامير المثبتة في الابواب المركبة من قطع الخشب بحيث تصير سببا لالتزاق بعضها ببعض، و هذا معلوم ظاهر لمن حفر الابار في الارض فانها تنتهي عند المبالغة في حفرها الى الاحجار الصلبة.

و رابعها ما قاله بعض المحدثين من ان المراد بالجبال و الرواسي الانبياء و الاولياء و العلماء و بالارض الدنيا، اما وجه التجوّز بالجبال عن الانبياء و العلماء فلان الجبال لما كانت على غاية من الثبات و الاستقرار و مانعة لما يكون تحتها من الحركة و الاضطراب عاصمة لما يلتجي اليها من الحيوان عما يوجب له الهرب فيسكن بذلك اضطرابه و قلقلته اشبهت الاوتاد من بعض هذه الجهات، ثم لما كانت الانبياء و العلماء هم السبب في انتظام امور الدنيا و عدم اضطراب احوال اهلها كانوا كالاوتاد للارض فلا جرم صحّت استعارة لفظ الجبال لهم، و لذلك يقال في العرب فلان جبل منيع يأوي اليه كل ملهوف، اذا كان يرجع اليه في المهمات و الحوائج و العلماء اوتاد اللّه‌

اسم الکتاب : الأنوار النعمانية المؤلف : الجزائري، السيد نعمة الله    الجزء : 1  صفحة : 241
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست