للخلايق او انه تعالى
استأثر به لا بذلك المجمل و يؤيده انه قد ورد في الاحاديث تفاصيل احوال ما فوق
الثرى و عدم ذكر احوال التي تحته.
و اعلم انه قد
وقع الخلاف بين الحكماء و المنجمين في سكون الارض و تحركها فذهب الاكثر الى انها
ساكنة غير متحركة و ذهب آخرون الى انها هاوية أي متحركة الى اسفل دائما ابدا فلا
تزال الارض تنزل في خلاء غير متناه لما في طبيعتها من الاعتماد و الثقل الهابط، و
ذهب ثالث الى انها تدور متحركة على مركز نفسها من المغرب الى المشرق خلاف الحركة
اليومية و الحركة اليومية لا توجد على هذا التقدير و انما يتخيل بسبب حركة الارض
ان يتبدّل الوضع من الفلك بالقياس الينا دون اجزاء الارض اذ لا يتغيّر الوضع بيننا
و بينها فانا على جزء معين منها فانها اذا تحركت من المغرب الى المشرق ظهر علينا
من جانب المشرق كواكب كانت مخفية عنّا بحدبة الارض و خفى عنّا بحدبتها من جانب
المغرب كواكب كانت ظاهرة علينا فيظنّ لذلك ان الارض ساكنة في مكانها و المتحرك هو
الفلك فيكون حينئذ متحركا من المشرق الى المغرب و ذلك كراكب السفينة فانه يرى
السفينة ساكنة مع حركتها حيث لا يتبدّل وضع اجزائها منه و يرى الشطّ متحركا مع
سكونه حيث يتبدّل وضعه منه مع ظنّ انه ساكن في مكانه و كذلك يرى القمر سائرا الى
الغيم حين يسير الغيم اليه و غير ذلك من الامور التي يغلط بها الحسّ.
و اما الوارد
في الشريعة المطهرة فهو كونها ساكنة و ان الجبال اوجبت سكونها قال اللّه تعالى وَ
أَلْقى فِي الْأَرْضِ رَواسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ* و قال تعالى وَ
الْجِبالَ أَوْتاداً روى عن ابن عباس انه قال ان الارض بسطت على الماء فكانت
تكفأ بأهلها كما تكفأ السفينة فأرساها اللّه تعالى بالجبال و ذكروا لهذا وجوها
أحدها ما قاله الرازي في التفسير و هو انّ السفينة اذا القيت على وجه الماء فأنها
تميل من جانب الى جانب و تضطرب فاذا وقعت الاجرام الثقيلة فيها استقرت على وجه
الماء فكذلك لمّا خلق اللّه تعالى الارض على وجه الماء اضطربت و مادت فخلق اللّه
تعالى عليها هذه الجبال و وتدها بها فاستقرت على وجه الماء بسبب ثقل الجبال ثم
اعترض على هذا و حاصله ان حركات الاجسام طبيعية و لا شك ان الارض اثقل من الماء و
الاثقل يغوص في الماء و لا يبقى طائفا عليه فامتنع ان يقال انها كانت تميد و تضطرب
بخلاف السفينة فانها متخذة من الخشب و في داخل الخشب تجويفات غير مملوة فلذلك تميد
و تضطرب على وجه الماء فاذا ارسيت بالاجسام الثقيلة استقرت و سكنت فظهر الفرق.
و اجاب عن هذا
الاشكال شيخنا المحقق ادام اللّه ايامه بان الارض و ان كانت ثقيلة و في طبعها طلب
المركز لكنّ الماء يحركها بأمواجه حركة قسرية و يزيلها عن مكانها الطبيعي بسهولة،