بهما اجسادهم، و جناحان
يطيرون بهما في الامر من امور اللّه و جناحان مرخيان على وجوههم حياء من اللّه، و
حينئذ فكل جناحين لفائدة من الفوائد، و بهذا يظهر فائدة الجناح الثالث في قوله
أولي اجنحة مثنى و ثلاث و رباع فيكون الثالث لفائدة أخرى غير الطيران، و اما محلّه
فيجوز ان يكون في وسط الظهر بين الجناحين يمدها قوة.
و اما في جانب
الكثرة فلا يعلم عددهم سواه و في الخبر عن الصادق 7 و قد سأل عن
الملائكة أكثر بنوا آدم، فقال و الذي نفسي بيده لملائكة اللّه في السموات اكثر من
عدد التراب في الارض، و ما في السماء موضع قدم الا و فيها ملك يسبحه و يقدسه، و لا
في الارض شجر و لا مدر الا و فيها ملك موكّل يأتي اللّه كل يوم بعملها و ما منهم
احد الا و يقرّ كل يوم بولايتنا اهل البيت و يستغفر لمحبينا، و يلعن اعدائنا و
يسأل اللّه تعالى ان ينزل عليهم العذاب، و يكفي بهم كثرة ان مع كل قطرة مطر ملكا
يضعها الموضع المأمون به و لا يصعد الى السماء الى يوم القيامة، بل يبقون في الارض
يسبحون اللّه و يقدسونه و ثوابه لشيعة اهل البيت، و في الروايات ان اكثر اماكنهم
المساجد.
و اعلم ان
الملائكة على كثرتهم لا يخلو احد منهم من خدمة خاصة، و كل منهم له مقام معلوم كما
حكاه تعالى عنهم، و ما منّا الا له مقام معلوم، و هو مقام في السموات فان كل جماعة
منهم له مكان خاص و عبادة خاصة و المثل و للّه الامثال العليا، كما ان السلطان له
اتباع و كل صنف منهم قد و كلّ بخدمة فمنهم من اولاه على رعيته للحماية و الحراسة و
الاطلاع على ما يأتون و يذرون، و جماعة نسبهم اليه لكن على طريق التشريك بخدمة
رعيته كالوزير و اضرابه، و جماعة منهم اختصهم به من غير شركة، و ذلك كاصحاب
السلطان المخصوصين لديه، و من ذلك انقسمت الملائكة الى ملائكة كروبيين أي مقربين
لديه، ذوي قوة على امتثال اوامره من التقديس مأخوذ من الكرب و هو القوة او من
الكرب و هو الحزن لشدة خوفهم من جنابه تعالى، و ذلك انه كلما زيد في قرب الوزير
زيد في خوفه من السلطان لاطلاعه على حقايق بطشه، و الى ملائكة روحانيين أي انهم
يشبهون الارواح في اللطافة فهم الطف من باقي الملائكة، و هؤلاء النوعان هما سادات
الملائكة و هما المشار اليهم في الحديث الصحيح عن الصادق 7 قال قال
رسول اللّه 6 مررنا ليلية المعراج بملائكة من ملائكة اللّه عز
و جل خلقهم اللّه كيف شاء و وضع وجوههم كيف شاء ليس شيء من اطباق وجوههم الا و هو
يسبح اللّه و يحمده من كل ناحية بأصوات مختلفة اصواتهم مرتفعة بالتسبيح و البكاء
من خشية اللّه فسألت جبرئيل عنهم فقال كما ترى خلقوا، ان الملك منهم الى جنب صاحبه
ما كلمه قطّ، و لا رفعوا رؤسهم الى ما فوقهم و لا خفضوها الى ما تحتهم خوفا من
اللّه و خشوعا فسلّمت عليهم فردوا عليّ ايماء برؤسهم لا ينظرون اليّ من الخشوع،
فقال لهم جبرئيل هذا محمد نبي الرحمة ارسله اللّه الى العباد رسولا و نبيا و هو
خاتم النبيين