اسم الکتاب : ترجمه شرح دعاى سحر المؤلف : فهري، سيد احمد الجزء : 1 صفحة : 300
و أمثالنا لا نعرف من العلم الاّ مفهومه، و
لا من مرموزات الأنبياء و الأولياء و رواياتهم الاّ سوادها و قشرها، لتعلّقنا
بظلمة عالم الطبيعة و قصر نظرنا إليها، و تشبّثنا بمنسوجات عناكب المادة و وقف
همّنا عليها، مع أن أوهن البيوت لبيت العنكبوت. و ليس لنا بهذه العيون العمياء و
الناطق الخرساء مشاهدة أنوار علومه و تجليات ذاته و صفاته و أسمائه، و التكلم
فيها، فان مَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللّهُ لَهُ نُوراً فَما
لَهُ مِنْ نُورٍ[1].
و لا يدرك النور الاّ النور، و لا العالم الاّ العالم.
فان خرجنا عن هذه القرية المظلمة الظالم أهلها، و فارقنا هذه الدور
الموحشة الداثرة، مهاجرا إلى اللّه و رسوله، و شملتنا العناية الأزلية بدرك الموت
و الفناء في ذاته و صفاته و أسمائه فقد وقع أجرنا على اللّه، و شهدنا جماله و
بهاءه و سناءه. ثم أحيانا بالحيوة الثانية، و أبقانا ببقائه، و يحصل لنا العلم الشهودى
و الكشف الحقيقى بأن علمه بذاته هو العلم بكمالات ذاته و لوازم أسمائه و صفاته لا
بعلم متأخر أو علم آخر، بل بالعلم المتعلق بالذات في الحضرة الذات. و لو لا هذا
العلم البسيط في الحضرة الذات لم يتحقق الحضرة الواحدية الأسمائية و الصفاتية، و
لا الأعيان الثابتة المتحققة في الحضرة العلمية بالمحبة الذاتية، و لا الأعيان
الموجودة.
قال صدر الحكماء المتألهين و شيخ العرفاء الشامخين (رضوان اللّه
عليه) فى الأسفار في تقرير منهج الصوفية بهذه العبارة: «لمّا كان علمه تعالى بذاته
هو نفس وجوده، و كانت تلك الأعيان موجودة بوجود ذاته، فكانت هي أيضا معقولة بعقل
واحد هو عقل الذات، فهى مع كثرتها معقولة بعقل واحد، كما أنها مع كثرتها موجودة
بوجود واحد،