responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تاج العروس الحاوي لتهذيب النفوس؛ أصول الهداية؛ الورع؛ ‌الطّريق إلى اللّه المؤلف : ابن عطاء اللّه السّكندري؛ ابن باديس؛ أبو الحسه الأبياري؛ فريد أحمد المزيدي    الجزء : 1  صفحة : 80

و أما أصل البسط الذى هو توسعه بحكمة، فغير منهى عنه لأنه لا ضرر فيه.

و حذر تعالى من سوء عاقبة الإسراف و التقتير بقوله: فَتَقْعُدَ مَلُوماً مَحْسُوراً فالبخيل الممسك ملوم من اللّه تعالى.

و من العباد- إذا- من لم تلمه نفسه الخبيثة لموت قلبه، على أنه سيلوم هو نفسه بعد الموت، و المسرف ملوم من الجميع، و من نفسه بعد ضياع ما فى يده!

(و المحسور): المتعب المضنى، الذى انكشفت عنه القوة، و لم تبق به قدرة على شي‌ء، تقول العرب، حسرت البعير، أى: أضنيته و أتعبته بالسير، حتى لم تبق به قدرة عليه.

و الجمل لا يقطع الطريق و يصل إلى الغاية إلا إذا حافظ صاحبه على ما فيه من قوة؛ فسار به سيرا وسطا، أما إذا أجهده و استنزف قوته، فإنه يسقط كليلا محسورا: فلا قطع طريقه، و لا وصل منزله، و لا أبقى جمله!

فكذلك الإنسان فى طريق هذه الحياة محتاج إلى قوة المال، فإذا أنفقه بحكمة نفع به و انتفع، و بلغ غاية حياته هادئا راضيا، و إذا بسط يده فيه كل البسط أتى عليه فانقطع النفع و الانتفاع، و لم يبلغ غاية حياته إلا بأتعاب و مشاق.

و علم من هذا أن قوله: ملوما يرجع للمقتر و المسرف، و قوله: مّحسورا يرجع للمسرف فقط، و لكن لما كان المحسور هو الذى ذهبت قوته فلا قدرة له على شي‌ء، فقد نقول: إن البخيل أيضا مبغوض، من الناس مخذول منهم، فلا يجد فى ملماته معينا، و لا فى نوائبه معزيا، فهو أيضا ضعيف الجانب لا قوة له، فالمسرف ضيع المال، و البخيل ضيع الإخوان، فكلاهما مكسور الظهر، عديم الظهير.

المخاطب بالاعتدال:

و المخاطب بهذا الخطاب:

إما مفرد غير معين؛ فيشمل جميع المكلفين غير النبى صلى الله عليه و سلم لأنه كان يأخذ لعياله قوت سنتهم حين أفاء اللّه عليه (النضير، و فدك، و خيبر). ثم يصرف ما بقى فى الحاجات حتى يأتى أثناء الحول، و ليس عنده شي‌ء، و لا كان ملوما محسورا، بل كان على ذلك صبارا شكورا مشكورا.

و إما هو النبى صلى الله عليه و سلم و المراد أمته: و عادة العرب أن تخاطب سيد القوم، تريد القوم، و تعبر بالمتبوع عن أتباعه، و نظير هذه الآية فى ذلك: وَ لَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَ إِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ‌ (65) [الزمر: 65].

فالنبى صلى الله عليه و سلم غير داخل فى هذا الخطاب بإجماع.

اسم الکتاب : تاج العروس الحاوي لتهذيب النفوس؛ أصول الهداية؛ الورع؛ ‌الطّريق إلى اللّه المؤلف : ابن عطاء اللّه السّكندري؛ ابن باديس؛ أبو الحسه الأبياري؛ فريد أحمد المزيدي    الجزء : 1  صفحة : 80
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست