responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تاج العروس الحاوي لتهذيب النفوس؛ أصول الهداية؛ الورع؛ ‌الطّريق إلى اللّه المؤلف : ابن عطاء اللّه السّكندري؛ ابن باديس؛ أبو الحسه الأبياري؛ فريد أحمد المزيدي    الجزء : 1  صفحة : 63

قَوْلًا كَرِيماً (23)، و فى هذا أمر بأن يخاطبهما بجميل القول، و يؤنسهما بطيب الحديث، و نهى عن أن يؤذيهما فى قول، أو يوحشهما بطول السكوت، فليس له أن يتركهما و شأنهما، بل عليه مجالستهما و محادثتهما، و جلب الأنس إليهما، و إدخال السرور عليهما.

ثم إن القول إنما هو عنوان ما فى الضمير، و لا يكون كريما شريفا إلا إذا كان عنوانا صادقا، حسن مظهره و مخبره، و عذب جناه، و طاب مغرسه، و ما ثماره إلا معانيه، و ما مغرسه إلا القلب الذى صدر عنه.

فيفيد هذا أن على الولد أن يكون معهما باللطف و العطف من صميم قلبه، كما يعرب لهما بلسانه، فيكون محسنا لهما حينئذ فى ظاهره و باطنه، و ذلك هو تمام البر الذى أمر به.

وَ اخْفِضْ لَهُما جَناحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ.

أدب الفعل:

مضى فيما تقدم أدب القول، و هذا أدب الفعل، و بيان الحال التى يكون عليها:

فالوالدان عند ولدهما فى كنفه كالفراخ الضعيفة المحتاجة للقوت و الدف‌ء و الراحة، و ولدهما يقوم لهما بالسعى، كما يسعى الطائر لفراخه، و يحيطهما بحنوه و عطفه كما يحيط الطائر فراخه، فشبه الولد فى سعيه و حنوه و عطفه على والديه بالطائر فى ذلك كله على فراخه، و حذف المشبه به، و أشير إليه بلازمة و هو خفض الجناح، لأن الطائر هو ذو الجناح، و إنما يخفض جناحه حنوا و عطفا و حياطة لفراخه ... فيكون فى الكلام استعارة بالكناية.

و أضيف الجناح إلى الذل- و هو الهون و اللبن- إضافة موصوف إلى صفة: أى:

اخفض لهما جناحك الذليل، و هذا ليفيد هونه و انكساره عند حياطتها ... حتى يشعر بأنهما مخدومان باستحقاق، لا متفضل عليهما بالإحسان.

صورة بليغة:

و فى ذكر هذه الصورة التى تشاهد من الطير تذكير بليغ مرقق للقلب موجب للرحمة، و تنبيه للولد على حالته التى كان عليها معهما فى صغره، ليكون ذلك أبعث له على العمل و عدم رؤية عمله أمام ما قدما إليه.

و (من) فى قوله تعالى: (من الرحمة) للتعليل، متعلقة ب (اخفض)، فتفيد مع متعلقها الأمر بأن يكون ذلك الخفض ناشئا عن الرحمة الثابتة فى النفس، لا عن مجرد استعمال ظاهر، كما كانا يكنفانه و يعطفان عليه عن رحمة قلبية صادقة، فيكون هذا مفيدا و مؤكدا

اسم الکتاب : تاج العروس الحاوي لتهذيب النفوس؛ أصول الهداية؛ الورع؛ ‌الطّريق إلى اللّه المؤلف : ابن عطاء اللّه السّكندري؛ ابن باديس؛ أبو الحسه الأبياري؛ فريد أحمد المزيدي    الجزء : 1  صفحة : 63
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست