من قوله صلى الله عليه و سلم: (لا طاعة
لمخلوق فى معصية اللّه، إنما الطاعة فى المعروف)[1].
و عند الحاكم و أحمد: «لا طاعة لمخلوق فى معصية الخالق»[2].
و من الدليل على رجحان جانبهما على الواجب الكفائى:
ما ثبت فى (الصحيح) من حديث الرجل الذى أتى النبى صلى الله عليه و
سلم يستأذنه فى الجهاد، فقال: (أحى والداك؟) قال: نعم، قال: (ففيهما فجاهد).
و من الطريق الثانى، قال عبد اللّه بن عمرو رضى اللّه عنه: أقبل رجل
إلى النبى صلى الله عليه و سلم فقال: أبايعك على الهجرة و الجهاد ابتغاء الأجر من
اللّه، قال «فهل من والديك أحد حى؟» قال: نعم، بل كلاهما، قال «فتبغى الأجر من
اللّه؟» قال: نعم، قال: «فارجع إلى والديك فأحسن صحبتهما»[3].
هذا لأن القيام عليهما فرض عينى، و الجهاد كان عليه فرض كفاية، و لو
تعين عليه و لم يكونا عن كفاية قدم القيام عليهما و كفايتهما عليه.
و من حقوقهما عليه: أن لا يخرج إلى ما فيه خوف و مخاطرة فى النفس إلا
بإذنهما، بدليل ما جاء فى (سنن أبى داود أن رجلا من أهل اليمن هاجر إلى رسول اللّه
صلى الله عليه و سلم، فقال: (هل لك أحد باليمن؟).
قال: أبواى.
قال: (أذنا لك؟) قال: لا.
قال: (فارجع إليهما فاستئذنهما، فإن أذنا لك فجاهد، و إلا فبرهما)[4].
أما إذا أراد تعاطى ما لا خطر فيه و لا فجيعة من شؤون الحياة و وجوه
التصرفات، فليس عليه أن يستأذنهما، و ليس لهما منعه، و لكن إذا منعاه من شئ امتنع
لوجوب برهما، و طاعتهما- فى غير المعصية- من برهما.
تفضيل الإحسان إليهما فى القول و العمل و تأكيده فى حالة الكبر:
[1] -رواه أحمد فى المسند( 1/ 131)، و الترمذى( 4/
209)، و البخارى( 6/ 2649) بلفظ:« لا طاعة فى المعصية ...».
[2] -رواه الحاكم( 3/ 2501) و أحمد فى المسند( 1/ 409،
129، 94).
[3] -رواه مسلم( 4/ 1975)، و أحمد( 1/ 235) و البخارى
فى الأدب المفرد( ص 41)، و البيهقى( 9/ 26)، و فى الشعب( 6/ 177)، و الضياء فى
الأحاديث المختارة( 10/ 425).
[4]( 3/ 17)، و أحمد فى المسند( 3/ 75)، و الحاكم(
2/ 114)، و ابن حبان( 2/ 165)، و البيهقى( 9/ 26).