responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : ايقاظ الهمم فى شرح الحكم المؤلف : ابن عجيبة    الجزء : 1  صفحة : 568

355- إلهي من كانت محاسنه مساوئ فكيف لا تكون مساوئه مساوئ؟ و من كانت حقائقه دعاوي، فكيف لا تكون دعاويه دعاوى‌

قلت: محاسن الإنسان لا تخلو من خلل و نقصان، و لو لم يكن إلا نسبتها لنفسه و فعله و رؤيتها من قوته و حوله، لكان كافيا في خللها و نقصها، فتنقلب مساوى‌ء بعد أن كانت في الصورة محاسن، و إذا كانت محاسنه مساوى‌ء، فكيف لا تكون مساوئه مساوى‌ء؟ و كذلك حقائق العبد، و هي ما تحقق به من المقامات و المنازلات، و أذواق العارفين، و مواجيد المحبين، لا تخلو من شوائب الدعوى، و مسارقة الهوى، لو لا مسامحة المولى. فإذا كانت حقائقه التي تحقق بها و ذاقها لا تخلو من شوائب الدعوي. فإذا نسبها لنفسه كانت كلها دعوي، فكيف لا تكون دعاويه الفارغة دعاوى، فإذا علم العبد هذا استحي من مولاه أن ينسب لنفسه شيئا من المحاسن أو يثبت لها نوعا من الحقائق، فربما يفضح على رؤوس الخلائق، و يكفي المريب وجدان السلامة. قال ذو النون رضي اللّه تعالى عنه:

الحياء من اللّه يقطع العبارة، و يدقق الإشارة، و قال السري السقطي رضي اللّه تعالى عنه: الحياء من اللّه يطرق القلب، فإذا وجد فيه شيئا من حب الدنيا رحل.

و قال أبو سليمان الداراني رضي اللّه تعالى عنه: يقول اللّه تعالى: «عبدي إنك ما استحييت منى أنسي الناس عيوبك، و أنسي بقاع الأرض ذنوبك، و أمحو من أم الكتاب زلّاتك، و لا أناقشك بالحساب يوم القيامة» انتهى. و قد فسّر النبي صلى اللّه عليه و آله و سلم الحياء فقال: «الحياء من اللّه: أن تحفظ الرأس و ما وعي و البطن و ما حوى، و تذكر القبر و البلى، و تترك أفضل زينة الدنيا، فمن فعل ذلك فقد استحى من اللّه حق الحياء[1]»، انتهى.


[1] - رواه الترمذي( 4/ 637).

اسم الکتاب : ايقاظ الهمم فى شرح الحكم المؤلف : ابن عجيبة    الجزء : 1  صفحة : 568
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست