اسم الکتاب : ايقاظ الهمم فى شرح الحكم المؤلف : ابن عجيبة الجزء : 1 صفحة : 567
الَّذِينَ يُبايِعُونَكَ إِنَّما
يُبايِعُونَ اللَّهَ [الفتح: 10]، و لا تكون يده يد الجليل حتى
تتحقق خلافته في الأرض، و لا تتحقق الخلافة حتى يستولى على الوجود بأسره من عرشه
إلى فرشه، و يصير في قلبه كحلقة في الأرض، فإذا صار هكذا كان خليفة اللّه في أرضه
و يده يد الملك، فكل من بايعه فإنما بايع اللّه:
يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ [الفتح: 10]، وَ اللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ
[البقرة: 105] و أنشدوا في مثله:
قد
استقام على المنهاج يسلكه
و
لم يزغ حائدا منه و لا عدلا
من
حاله يعمر الدنيا بظاهره
و
قلبه في أعالي الخلد قد نزلا
و
أبصر الأمر يجري في مسالكه
من
أول النشء حتى شب و اكتهلا
و
ناطقته البرايا و هي صامتة
و
ميز الضد و الأرواح و العللا
و
أظهر الصورة العليا بصورتها ال
حسنى
و من قبل كانت ألبست ظللا
قال بعضهم: اشتريت جارية سوداء فلما جن الليل و أردت أن أنام، قالت:
يا مولاي أما تستحي، مولاك لا ينام و أنت تنام؟ ثم قامت تصلي فانتبهت و هي ساجدة
فسمعتها تقول في سجودها: بحق حبك لي لا تعذبني، فقلت لها:
غلطت، قولي بحبي إياك لا تعذبني، فلما سلمت قالت: يا مولاي ما غلطت،
بل أصبت و لو لا محبته لي ما أنامك و أقامني، فقلت: اذهبي فأنت حرة لوجه اللّه،
قالت: هذا العتق الأصغر و بقي العتق الأكبر انتهى. و كان بعض الوالهين يقول في بعض
مناجاته: إلهي لو أردت إهانتي ما وفقتني لطاعتك، و لو أردت فضيحتي ما سترتني عند
مخالفتك. إلهي لو لا ذنوبي ما خفت العذاب، و لو لا كرمك ما رجوت الثواب، انتهى.
فسّر الشيخ الأوصاف التي آيسته إن نظر إليها من منة اللّه و رحمته،
فقال في المناجاة الثانية عشرة:
اسم الکتاب : ايقاظ الهمم فى شرح الحكم المؤلف : ابن عجيبة الجزء : 1 صفحة : 567