اسم الکتاب : ايقاظ الهمم فى شرح الحكم المؤلف : ابن عجيبة الجزء : 1 صفحة : 559
349- بك قامت.
إذ لا قيام للعبد إلا باللّه، و لا وجود له من ذاته بذاته، و كل من
كان باللّه و من اللّه و إلى اللّه، فكيف يلحقه النقص و الخلل، و لذلك قال:
350- و إليك.
أي قامت بقدرتك، و انتهت إلى أمرك و مرادك، فالأمور كلها أنت مبدؤها
و مصدرها، و إليك منتهاها و مرجعها. قال تعالى:
وَ إِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ وَ تَوَكَّلْ عَلَيْهِ [هود: 123] و أنشدوا:
اقبل
علينا لا تخف فلنا الهدى
و
لنا الجلال مع الجمال خذ الصفا
و
اقصد حمانا ما أتانا مذنب
إلا
نجا لو كان منها على شفا
اللهم إنا قصدنا حماك خاضعين. و لجنابك منتسبين، و بحبل جوارك
متمسكين، و بعز جاهك مستعزين، و بنصرك السريع منتصرين، فانصرنا و لا تنصر علينا يا
خير الناصرين. حاشا عهدك الوافي، و نصرك الكافي، أن تخذل من دخل تحت جوارك، أو
تطرد من وقف ببابك، يا خير من سئل، و يا أكرم من أعطى، ارحم عبدا لا يملك لنفسه
نفعا و لا ضرّا، برحمتك يا أرحم الراحمين.
351- إلهي ما ألطفك مع عظيم جهلي و ما أرحمك بي مع قبيح فعلى
قلت: هذه المناجاة الثامنة، و هي تتميم لما قبلها، لأن الحق إذا كان
وكيلا لك و ناصرا لك و حفيا بك، فقد لطف بك و أنت لا تشعر، فاللطف هو سوق المسار
من حيث المضار، أو سوق المنافع في قالب الفجائع. و الحاصل: أن اللطف هو جلب الخير
جلبا لطيفا لا يعرفه إلا أهل البصائر، فاللطف الجميل هو الذي يكون باطنه نعمة و
ظاهره نقمة، باطنه جمال و ظاهره جلال، فالعارف باللّه يرى نفسه مغمورا في اللطف في
كل حال، و لذلك قال الشيخ رضي اللّه تعالى عنه
اسم الکتاب : ايقاظ الهمم فى شرح الحكم المؤلف : ابن عجيبة الجزء : 1 صفحة : 559