responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : ايقاظ الهمم فى شرح الحكم المؤلف : ابن عجيبة    الجزء : 1  صفحة : 513

و تسرح في الجبروت، ثم تأوى إلى عش العبودية في الظاهر و عش الشهود في الباطن، فالحضرة التي هي معشش قلوب العارفين، هي حضرة الذات إليها يأوون: أي يرجعون بعد الطيران إلى فضاء الملكوت و أسرار الجبروت، و فيها يسكنون لا يخرجون منها أبدا، كما قال تعالى: لا يَمَسُّهُمْ فِيها نَصَبٌ وَ ما هُمْ مِنْها بِمُخْرَجِينَ‌ [الحجر: 48] و محلها في أعلى عليين، و هو عرش قلوب العارفين.

281- فإن نزلوا إلى سماء الحقوق أو أرض الحظوظ فبالإذن و التمكين و الرسوخ في اليقين.

قال الشيخ زروق رضي اللّه تعالى عنه: التوحيد عرش، و الشريعة المطهرة كرسي ذلك العرش و الحقوق المفصلة فيها سماؤها، و الحظوظ النفسانية أرضها، فكل حقيقة لا تصحبها شريعة لا عبرة بصاحبها، و كل شريعة لا تعضدها حقيقة لا كمال لها، انتهى. قلت: النزول هنا مجاز كأن الحرية عرش، و العبودية سماء أو أرض، أو تقول: الحقيقة عرش و الشريعة أرض، فما دامت الروح في بحر الوحدة كأنها في عرش الرحمن، فإن نزلت إلى العبودية كأنها نزلت إلى السماء أو الأرض، و ظاهر كلام الشيخ و من تبعه من الشراح أن النزول إلى سماء الحقوق أو أرض الحظوظ خروج عن الحضرة و ليس كذلك، إذ من كان عمله باللّه و تصرفاته كلها باللّه لا خروج له عن الحضرة، و إنما النزول في حقه بالقالب فقط دون القلب، فالقلب لا يخرج من عشه أبدا بعد أن تمكن منه، فكل من بلغ أن يكون علمه باللّه و من اللّه و إلى اللّه لا يكون تنزله للشريعة خروجا عن الحضرة لا سيما الصلاة التي هي معدن المصافاة، فبها تتسع ميادين الأسرار، و تشرق فيها شوارق الأنوار، اللهم إلا أن يحمل النزول في كلامه على أنه بالقالب دون القلب، كما تقدم و يدل على هذا قوله فيما يأتي، بل دخلوا في ذلك باللّه إلخ. قال الشعراني في بعض أجوبته: سألت شيخنا سيدي عليّا الخواص: أي الحالتين أفضل للعبد في حال الصلاة؟ هل يكون يعبد اللّه كأنه يراه؟ أو كأن اللّه يراه؟ قال: فأجابني بأن يكون العبد يعبد اللّه كأن اللّه يراه أفضل من كونه كأنه يراه، ثم أطال الكلام في توجيه ذلك.

قلت: و قد كنت اعترضت هذا الكلام و كتبت عليه، ما مضمنه: إن العارفين اتفقوا أن العمل‌

اسم الکتاب : ايقاظ الهمم فى شرح الحكم المؤلف : ابن عجيبة    الجزء : 1  صفحة : 513
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست