responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : ايقاظ الهمم فى شرح الحكم المؤلف : ابن عجيبة    الجزء : 1  صفحة : 446

لهم غذاء لا بقاء لهم إلا به، و لا غنى لهم عنه، و لو فقدوه لفارقت أرواحهم أشباحهم، و في ذلك قيل:

بالقوت إحياء الجسوم و ذكره‌

تحيا به الألباب و الأرواح‌

هو عيشهم و وجودهم و حياتهم‌

حقّا و روح نفوسهم و الرّاح‌

و قد قلت في قصيدة لي عينية:

ولي لوعة بالراح إذ فيه راحتي‌

و روحي و ريحاني و خير واسع‌

سكرنا فهمنا في بهاء جماله‌

فغبنا عن الإحساس و النور ساطع‌

تبدّت لنا شمس النهار و أشرقت‌

فلم يبق ضوء النجم و الشمس طالع‌

و الحاصل: أن نعيم الأرواح التي تشاهد محبوبها لا ينقطع عنها، فنعيم العارفين لا ينقطع لأن قرب الحق لا ينقطع، فمن بعدت نفسه أحس بالعذاب و لزمه الهموم و الأحزان و النصب، كما أبان ذلك بقوله:

224- ما تجده القلوب من الهموم و الأحزان فلأجل ما منعته من وجود العيان.

قلت: إنما كان سبب الهموم هو فقد الشهود، لأن الحق تعالى قريب على الدوام، رقيب على الدوام، فمن كان قريبا من الحبيب، فكيف يحس بفراق شي‌ء أو فواته؟ نظر الحبيب يغيب عن كل بعيد و قريب، و أيضا كل ما ينزل من عند الحبيب فهو حبيب، فلا يلحقه شي‌ء مكروه عنده حتى يهتم به، و لا يفوته محبوب سوى محبوبه حتى يحزن عليه، ففي محبوبه اجتمعت المحاسن كما قال القائل:

تذلّل له تحظى برؤيا جماله‌

ففي وجه من تهوي الفرائض و النّفل‌

و في هذا المعنى أيضا قال صاحب العينية:

تلذّ لي الآلام إذ كنت مسقمي‌

* و إن تختبرني فهو عندي صنائع‌

و بالجملة: من كان نظره إلى محبوبه و مشاهدا لنوره و جماله لم يبق له هم و لا غم كما قال ابن الفارض في شهود الخمرة:

اسم الکتاب : ايقاظ الهمم فى شرح الحكم المؤلف : ابن عجيبة    الجزء : 1  صفحة : 446
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست