responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : ايقاظ الهمم فى شرح الحكم المؤلف : ابن عجيبة    الجزء : 1  صفحة : 423

و آله و سلم إذا صنعت طعاما: فميعيه: أي اجعليه مائعا خفيفا، فإن بين المائع و اليابس خمسين تسبيحة. و قال أبو علي الجرجاني: ما مضغت الخبز منذ أربعين سنة، و إنما أسف السويق و أعود لذكر اللّه تعالى. قال: و قد كنت عددت ما بين المضغ و البلع ستين تسبيحة. و قيل: إن ساعات الليل و النهار أربع و عشرون ساعة تبعث يوم القيامة خزائن مصفوفة أربعا و عشرين خزانة، فمن كان عمرها في الدنيا بطاعة اللّه رآها خزائن معمورة بالنعيم، و من كان ضيعها رآها خزائن فارغة خاوية، فيتحسر عليها و يندم، و جاء في الخبر: «إن أهل الجنة بينما هم في نعيمهم إذ سطع لهم نور من فوق أضاءت منه منازلهم كما تضئ الشمس لأهل الدنيا، فينظرون إلى رجال من فوقهم أهل عليين يرونهم كما يرى الكوكب الدّرّيّ في أفق السماء، و قد فضّلوا عليهم في الأنوار و الجمال و النعيم، كما فضّل القمر على سائر النجوم، فينظرون إليهم يسيرون على نجب تسرح بهم في الهواء يزورون ذا الجلال و الإكرام، فينادي هؤلاء: يا إخواننا ما أنصفتمونا كنا نصلي كما تصلون و نصوم كما تصومون، فما هذا الذي فضّلتم به علينا؟ فإذا النداء من قبل اللّه عز و جلّ: إنهم كانوا يجوعون حين تشبعون، و يعطشون حين تروون، و يعرون حين تكسون، و يذكرون حين تنسون، و يبكون حين تضحكون، و يقومون حين تنامون، و يخافون حين تأمنون، بذلك فضلوا عليكم اليوم، فذلك قوله تعالى: فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ ما أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزاءً بِما كانُوا يَعْمَلُونَ‌ [السجدة: 17]» انتهى. و مما يعين على حفظ الأوقات و اتصال الطاعات الزهد في السوى و محبة المولى، فإن من أحبّ شيئا أكثر من ذكره، و خدمه و خضع له، و كان عبدا حقيقة له، كما أشار إلى ذلك بقوله:

210- ما أحببت شيئا إلا كنت له عبدا، و هو لا يحبّ أن تكون لغيره عبدا.

قلت: القلب إذا أحب شيئا أقبل إليه و خضع له، و أطاعه في كل ما يأمره:" إنّ المحبّ لمن يحبّ مطيع" و هذه حقيقة العبودية: الخضوع و الطاعة، و ليس للقلب إلا وجهة واحدة، و ليس للإنسان إلا قلب واحد، قال تعالى: ما جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ‌ [الأحزاب: 4]، و إذا كان للقلب وجهة واحدة فمهما أقبل بها على مولاه أعرض عما سواه،

اسم الکتاب : ايقاظ الهمم فى شرح الحكم المؤلف : ابن عجيبة    الجزء : 1  صفحة : 423
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست