اسم الکتاب : ايقاظ الهمم فى شرح الحكم المؤلف : ابن عجيبة الجزء : 1 صفحة : 398
معاذ يقسم أنه لا تسكن الحكمة قلبا فيه ثلاث
خصال: هم الرزق، و حسد الخلق، و حب الجاه. و كان حبيب العجمي يخدم الحسن البصري
فصنع حبيب طعاما لإفطارهما و إذا بسائل فأعطاه جميعه، فقال الحسن: يا حبيب إنك
كثير اليقين، قليل العلم، فهلا أعطيته النصف و نتقوت بالنصف؟ فقال: يا سيدي ثوابه
لك، و أنا أستغفر اللّه، فلما جنّ الليل و إذا بقارع على الباب، فخرج حبيب فوجد
عبدا معه طعام كثير و الشتاء ينزل، و الغلام يبكي، فقال له: ما هذا؟ قال: طعام،
قال لي سيدي: إن قبله منك الحسن البصري، فأنت حر لوجه اللّه، و قد طال عليّ الرق،
فقال حبيب: لا إله إلا اللّه عتق رقبة و إطعام جائع، ثم دخل به على الحسن، و قال:
يا سيدي إنك كثير العلم قليل اليقين، فقال: يا حبيب تقدمناك و سبقتنا
انتهى. قلت: و لشيخ شيخنا مثل هذه الحكاية، ذكرها إلى بعض أصحابه، ثم سألته عنها
فقال: هي صحيحة، و ذلك أن أهله صنعوا طعاما جيدا، فلما وضعوه بين أيديهم و إذا
بسائل يسأل، فأخرجه له الشيخ كله و بقي أولاده بغير عشاء، فلما كان بعد صلاة
العشاء و إذا برجل يدق الباب، فخرج الشيخ فوجد رجلا معه مائدة فيها ألوان من
الطعام، فأدخلها لعياله.
و قال بعض الأغنياء: كنت نائما و إذا بإنسان قد وقف علي في عالم
النوم و زجرني و قال لي: أجب الملهوف، فانتبهت و أنا مذعور و لم أدر ما أصنع،
فأوقع اللّه في قلبي أن أخذت صرة فيها مائة دينار و ركبت دابة و أطلقت زمامها،
فخرجت بي من العمران إلى مسجد خرب، و وقفت فنزلت، و دخلت المسجد فوجدت مسكينا و هو
يتضرع إلى اللّه و يسأله من فضله، فسألته عن حاله؟ فقال: أنا صاحب عيال و لي بنيات
منذ ثلاث ما طعموا، فأنا أسأل اللّه من فضله، فدفعت له المائة و قلت له: إذا نفذت
فاسأل عني فأنا فلان و ائتني، فقال: لا و اللّه ما أسأل غير اللّه، ثم انصرفت و
أنا متعجب من ثقته باللّه تعالى، فهذه حكاية جند من جنود اللّه تعالى تقوي اليقين
و توجب الثقة برب العالمين، فيستحي العبد من اللّه أن يرفع حاجته إليه، فأولى ألا
يرفعها إلى غيره، كما بين ذلك بقوله:
اسم الکتاب : ايقاظ الهمم فى شرح الحكم المؤلف : ابن عجيبة الجزء : 1 صفحة : 398