اسم الکتاب : ايقاظ الهمم فى شرح الحكم المؤلف : ابن عجيبة الجزء : 1 صفحة : 38
و هذا [القسم[1]]
هو مفهوم قول الشيخ «فما قام به غيرك» إذ مفهومه أن ما لم يقم به عنك و هو الطاعة
لا يضرك تدبيره[2]. و لذلك
قال إبراهيم الخواص رضي اللّه تعالى عنه: العلم كله في كلمتين لا تتكلف ما كفيت و
لا تضيع ما استكفيت فقوله: لا تتكلف ما كفيت هو القسم الأول المذموم، و قوله: و لا
تضيع ما استكفيت هو القسم الثاني المطلوب. و قال الشيخ أبو الحسن رضي اللّه تعالى
عنه: و كل مختارات الشرع و ترتيباته ليس لك منه شيء إنما هو مختار اللّه لك و
اسمع و أطع، و هذا محل الفقه الرباني و العلم الإلهامي و هو أرض لتنزل عليه
الحقيقة المأخوذة عن اللّه تعالى لمن استوى انتهى. و قوله: «لمن استوى»، أي كمل
عقله و تمت معرفته، و استوت حقيقته مع شريعته لكن لا ينبغي الاسترسال معه فيشغله[3] عن اللّه.
و أما القسم المباح: فهو التدبير في أمر دنيوي أو طبيعي مع التفويض
للمشيئة و النظر لما يبرز من القدرة غير معول على شيء من ذلك و عليه يحمل قوله
صلى اللّه عليه و آله و سلم: «التدبير نصف العيش[4]»،
بشرط ألا يردده المرة بعد المرة، فالقدر المباح منه هو مروره على القلب كالريح
يدخل من طاق و يخرج من أخرى، و هذا هو التدبير باللّه و هو شأن العارفين المحققين.
و علامة كونه باللّه أنه إذا برز من القدرة عكس ما دبر لم ينقبض و لم يضطرب بل
يكون كما قال الشاعر:
سلّم
لسلمى و سر حيث سارت
و
اتبع رياح القضاء و در حيث دارت
و قال في التنوير فائدة: اعلم أن الأشياء إنما تذم و تمدح بما تؤدي
إليه، فالتدبير المذموم ما شغلك عن اللّه و عطلك عن القيام بخدمة اللّه و صدك عن
معاملة اللّه،