اسم الکتاب : ايقاظ الهمم فى شرح الحكم المؤلف : ابن عجيبة الجزء : 1 صفحة : 362
المكانة و الكمال، و من ذلك قول الشيخ أبي
الحسن رضي اللّه تعالى عنه في حزبه الكبير:
و ليس من الكرم ألا تحسن إلا لمن أحسن إليك إلخ، و ذكر في «قوت
القلوب» أن بني إسرائيل قحطوا سبع سنين، فخرج سيدنا موسى 7 بسبعين ألفا
من بني إسرائيل ليستسقي لهم، فأوحى اللّه إليه: «كيف استجيب لهم و قد أظلمت عليهم
ذنوبهم و سرائرهم خبيثة، فدعوني على غير يقين و يأمنون مكري؟ ارجع إليهم، فإن عبدا
من عبادي يقال له: برخ، قل له يخرج حتى أستجيب له، فسألهم عنه موسى، فلم يعرفه
أحد، فبينما موسى 7 يمشي في طريق، فإذا بعبد أسود قد استقبله بين عينيه
تراب من السجود، و قد عقد شملة على عاتقه فعرفه موسى 7 بنور اللّه، فسلم
عليه و قال: ما اسمك؟ قال: برخ، فقال له: منذ حين و أنا أطلبك اخرج فاستسق لنا،
فخرج فكان من خطابه لربه في دعائه و مناجاته: ما هذا من فعالك، و ما هو من حكمك، و
ما بذلك عرفت، أنقصت عليك عيون مائك، أم عاندت الرياح عن طاعتك؟ أم نفذ ما عندك؟
أم اشتد غضبك على المذنبين؟ ألست كنت غفارا قبل خطأ الخاطئين؟ خلقت الرحمة و أمرت
بالعطية، فتكون لما تأمر من المخالفين، أم ترينا أنك ممتنع؟ أم تخشى الفوت فتعجل
بالعقوبة؟ قال: فما زال حتى اخضلت بنو إسرائيل بالقطر، و أنبت اللّه العشب في نصف
يوم حتى بلغ الراكب، قال: فخرج برخ فاستقبله موسى 7 و قال له: ما هذا
الخطاب الذي خاطبت به الحق، فأوحى اللّه إليه: دعه، فإن دعاءه يضحكني، فانظر هذه
الحكاية كيف وقعت على بساط المباسطة التي لا يفهمها إلا أهل المكانة و التمكين، و
حسب من لم يبلغ مقامات الرجال الأدب، و الهيبة مع رب العالمين».
ثم بيّن وجه ما ذكره من كون الدعاء، إنما يكون عبودية لا سببا في
العطاء، فقال:
167- كيف يكون طلبك اللاحق سببا في عطائه السابق
168- جلّ حكم الأزل أن يضاف إلى العلل.
اسم الکتاب : ايقاظ الهمم فى شرح الحكم المؤلف : ابن عجيبة الجزء : 1 صفحة : 362