responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : ايقاظ الهمم فى شرح الحكم المؤلف : ابن عجيبة    الجزء : 1  صفحة : 359

الحكمة الثالثة: شدة نوره، و لا شك أن شدة النور موجب لعدم الإدراك، فإن البصر لا يقاوم النور الباهر، و في حديث مسلم في قصة الإسراء: «قلنا يا رسول اللّه هل رأيت ربك؟ قال: نور أنّى أراه؟[1]»، بلفظ الاستفهام: أي غلبني النور كيف أراه، و في رواية «رأيت نورا[2]»، فيحمل على أنه أول مرة رأى نورا، ثم لم يطق مشاهدته بالبصر مع تحقق شهوده بالبصيرة، و انظر أيضا البرق الخاطف، فإن البصر لا يطيق رؤيته، و أنشدوا:

بالنور يظهر ما ترى من صورة

و به وجود الكائنات بلا امترا

لكنه يخفى لفرط ظهوره‌

حسّا و يدركه البصير من الورى‌

فإذا نظرت بعين عقلك لم تجد

شيئا سواه على الذوات مصوّرا

و إذا طلبت حقيقة من غيره‌

فبذيل جهلك لا تزال معثّرا

و هذا النور الذي نتكلم فيه ليس هو حسيّا، و إنما هو ما يبدو من معاني الصفات و الأسماء التي تخرج من ظلمة الجهل إلى معرفة أسمائه و صفاته، قاله الشيخ زروق رضي اللّه تعالى عنه.

قلت: هو النور الأصلي الذي فاض من بحر الجبروت إلا أنه تستر بالحكمة و العزة و القهرية.

سئل أبو القاسم النصر اباذى عن قولهم:

و يظهر في الهوى عزّ الموالى‌

فيلزمني له ذلّ العبيد

فقال: عز الموالى: الستر، لأنه لو انتهك الحجاب لتفطر الألباب. و هذا آخر الباب السابع عشر. و حاصلها ثلاثة أمور: الأول: تلازم الدلالة على أولياء اللّه للدلالة على اللّه، بحيث لا ينفك أحدهما عن الآخر في الغالب. الثاني: تفسير أسرار الولاية، و هي الاطلاع على أسرار غيب الملكوت دون اشتراط الاطلاع على أسرار العباد، لأن ذلك قد يكون فتنة في حقه و سببا في عقوبته إذا لم يتمكن من معرفته مع ما فيه من حظ النفس، فربما تقصده بطاعتها، فيكون رياء في حقها، و هو من الأمراض الباطنية التي يصعب علاجها كالاستشراف إلى‌


[1] - رواه أبو عوانة في مسنده( 1/ 147).

[2] - رواه مسلم( 1/ 161).

اسم الکتاب : ايقاظ الهمم فى شرح الحكم المؤلف : ابن عجيبة    الجزء : 1  صفحة : 359
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست