responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : ايقاظ الهمم فى شرح الحكم المؤلف : ابن عجيبة    الجزء : 1  صفحة : 34

غير إذن صريح فهو انحطاط من الهمة العلية إلى الهمة الدنيّة أو سقوط من الولاية الكبرى إلى الولاية الصغرى. قال شيخ شيوخنا سيدي علي رضي اللّه تعالى عنه: قال لي شيخي سيدي العربي: يا ولدي لو رأيت شيئا أعلى من التجريد و أقرب و أنفع لأخبرتك به، و لكن هو عند أهل هذه الطريقة بمنزلة الإكسير الذي قيراط منه يغلب ما بين الخافقين ذهبا كذلك التجريد في هذه الطريق. انتهى. و سمعت شيخ شيخنا رضي اللّه تعالى عنه يقول: معرفة المتجرد أفضل و فكرته أنصع؛ لأن الصفا من الصفاء، و الكدر من الكدر: صفاء الباطن من صفاء الظاهر، و كدر الباطن من كدر الظاهر، و كل ما زاد في الحس نقص في المعنى و في بعض الأخبار: إذا أخذ العالم شيئا من الدنيا نقصت درجته عند اللّه و إن كان كريما على اللّه و أما من أذن له في السبب، فهو كالمتجرد إذ صار حينئذ سببه عبودية، و الحاصل: أن التجريد من غير أذن سبب و السبب مع الإذن تجريد، و باللّه التوفيق.

تنبيه: هذا الكلام كله مع السائرين، و أما الواصلون المتمكنون فلا ملامة عليهم إذ هم رضي اللّه تعالى عنهم مأخوذون عن أنفسهم يقبضون من اللّه و يدفعون باللّه، قد تولى الحق تعالى أمورهم و حفظ أسرارهم و حرس قلوبهم بجنود الأنوار فلا تؤثر فيها ظلم الأغيار و عليه يحمل حال الصحابة في الأسباب رضي اللّه تعالى عنهم و نفعنا ببركاتهم. آمين و اعلم أن المتسبب و المتجرد عاملان للّه إذ كل واحد منهما حصل له صدق التوجه إلى اللّه تعالى حتى قال بعضهم:

مثل المتجرد و المتسبب كعبدين للملك قال لأحدهما: اعمل و كل و قال للآخر:

الزم أنت حضرتي و أنا أقوم لك بقسمتي. و لكن صدق التوجه في المتجرد أقوي لقلة عوائقه و قطع علائقه كما هو معلوم. و لما كانت همة الفقير المتجرد لا تخطئ في الغالب لقوله صلى اللّه عليه و آله و سلم: «إنّ للّه رجالا لو أقسموا على اللّه‌

اسم الکتاب : ايقاظ الهمم فى شرح الحكم المؤلف : ابن عجيبة    الجزء : 1  صفحة : 34
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست