responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : ايقاظ الهمم فى شرح الحكم المؤلف : ابن عجيبة    الجزء : 1  صفحة : 274

و الحاصل: أنه انعكس بصره في بصيرته فرآه ببصيرته و ظن أنه رآه ببصره.

و معني ذلك أن الروح ما دامت محجوبة بالبشرية كان النظر إنما هو للبصر الحسي فلا يرى إلا الحسي، فإذا استولت الروحانية على البشرية انعكس نظر البصر إلى البصيرة، فلا يرى البصر إلا المعاني التي كانت تراها البصيرة، و هو معنى قول شيخ شيوخنا المجذوب:

غيّبت نظري في نظر

و أفنيت عن كلّ فاني‌

حققت ما وجدت غير

و أمسيت في الحال هاني‌

و اللّه تعالى أعلم. و إنما أمرك في هذه الدار أن تنظر إليه في مكوناته تسلية لك عن شهود ذاته و النظر إليه، إذ لا صبر للمحب عن محبوبه، كما أبان ذلك بقوله:

117- لما علم أنك لا تصبر عنه، أشهدك ما برز منه.

قلت: لما فصل الحق سبحانه هذه الروح التي هي لطيفة نورانية من أصلها و تغربت عن وطنها تعشقت إلى أصلها و تعطشت إلى محبة سيدها، فلما علم الحق سبحانه أنها لا تصبر عنه، و لا تقدر أن تراه على ما هو عليه من كمال جلاله و نور بهاء جماله ما دامت في هذا السجن الذي هو قفص البدن، أشهدها الحق تعالى ما برز منه من تجلياته في مظاهر مكوناته و آثار صفاته، لكن لا بد للحسناء من نقاب، و للشمس من سحاب، فبرزت أنوار الجبروت إلى رياض الملكوت، فغطتها سحائب الحكمة و آثار القدرة، فبقيت الروح تتعشق إلى أصلها من وراء سحاب الأثر، فإذا انقشع السحاب و رفع الحجاب لقي كل حبيب حبيبه، و عرف كل إنسان مثواه و مستقره، فقنعت الروح بشهود المعاني خلف رقة الأواني، و إليه أشار الشيخ الغوث أبو مدين رضي اللّه تعالى عنه بقوله:

فلولا معانيكم تراها قلوبنا

إذا نحن أيقاظ و في النوم إن غبنا

لمتنا أسى من بعدكم و صبابة

و لكنّ في المعنى معانيكم معنى‌

اسم الکتاب : ايقاظ الهمم فى شرح الحكم المؤلف : ابن عجيبة    الجزء : 1  صفحة : 274
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست