اسم الکتاب : ايقاظ الهمم فى شرح الحكم المؤلف : ابن عجيبة الجزء : 1 صفحة : 183
الشَّيْطانَ إِلَّا قَلِيلًا
[النساء: 83]، يُحِبُّهُمْ وَ يُحِبُّونَهُ
[المائدة: 54]، ثُمَّ تابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا
[التوبة: 118]، فالعناية سابقة، و الهداية لا حقة، و الأمر كله بيده، و في التحقيق
ما ثم إلا سابقة التوفيق، و لا حول و لا قوة إلا باللّه.
قال الشيخ أبو الحسن رضي اللّه تعالى عنه: أكرم المؤمنين و إن كانوا
عصاة فاسقين، و أقم عليهم الحدود، و اهجرهم رحمة بهم لا تقذرا لهم.
و قال الشيخ زروق رضي اللّه تعالى عنه: فالمنتسب لجانب الحق يتعين
إكرامه مراعاة لنسبته ثم إن كان كاذبا، فالأمر بينه و بين من انتسب إليه، فإن
أمرنا بإقامة حقه عليه بحيث يتعين عليه كنا معه كعبد السيد يضرب ولد سيده بإذنه
يؤدبه، و لا يحتقره، و لأبي الحسن الحرالى[1]
رحمه اللّه:
ارحم
بنيّ جميع الخلق كلّهم
و
انظر إليهم بعين اللّطف و الشّفقه
وقّر
كبيرهم و ارحم صغيرهم
وراع
في كلّ خلق حقّ من خلقه
ثم إن الإقامة على دوام الأوراد و هي خدمة الجوارح من شأن أهل الخدمة
و هم العباد و الزهاد، و الانتقال منها إلى عمل القلوب من شأن أهل المحبة و
المعرفة و هم العارفون، و كلهم عباد اللّه و من أهل عنايته، فلا يستحقرهم إلا جاهل
أو مطرود كما بين ذلك بقوله:
قلت: العباد المخصوصون بالعناية على قسمين: قسم: وجههم الحق لخدمته و
أقامهم فيها و هم أنواع: فمنهم من انقطع في الفيافي و القفار لقيام الليل و صيام
النهار و هم العباد و الزهاد، و منهم من وجهه الحق لإقامة الدين و حفظ