responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : ايقاظ الهمم فى شرح الحكم المؤلف : ابن عجيبة    الجزء : 1  صفحة : 155

النعيم، لا يرون لأنفسهم تركا و لا فعلا و لا قوة و لا حولا، يرون أنهم محمولون بالقدرة الأزلية مصروفون عن المشيئة الأصلية و هم من أهل قوله تعالى: وَ إِيَّاكَ نَسْتَعِينُ‌ [الفاتحة: 5]. فأهل القسم الأول: عبادتهم للّه. و أهل القسم الثاني:

عبادتهم باللّه و بقدرة اللّه، و بينهما فرق كبير. و قسم ثالث: فرحهم باللّه دون شي‌ء سواه، فانون عن أنفسهم باقون بربهم، فإن ظهرت منهم طاعة فالمنة للّه، و إن ظهرت منهم معصية اعتذروا للّه أدبا مع اللّه، لا ينقص فرحهم إن ظهرت منهم زلة، و لا يزيد إن ظهرت منهم طاعة أو يقظة؛ لأنهم باللّه و للّه، من أهل لا حول و لا قوة إلا باللّه، و هم العارفون باللّه. فإن ظهرت منك أيها المريد طاعة أو إحسان فلا تفرح بها من حيث إنها برزت منك فتكون مشركا بربك فإن اللّه تعالى غني عنك و عن طاعتك، و غنى عن أن يحتاج إلى من يطيعه سواه، قال اللّه تعالى: وَ مَنْ جاهَدَ فَإِنَّما يُجاهِدُ لِنَفْسِهِ إِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ عَنِ الْعالَمِينَ‌ [العنكبوت: 6]، و قال صلى اللّه عليه و آله و سلم حاكيا عن ربه عز و جلّ: «يا عبادي لو أنّ أوّلكم و آخركم و إنسكم و جنّكم كانوا على أتقى قلب رجل واحد، ما زاد ذلك في ملكي شيئا[1]» الحديث.

و افرح بها من حيث إنها هدية من اللّه إليك تدل على أنك من مظاهر كرمه و فضله و إحسانه، فالفرح إنما هو بفضل اللّه و برحمته قال تعالى: قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَ بِرَحْمَتِهِ فَبِذلِكَ فَلْيَفْرَحُوا [يونس: 58]، ففضل اللّه هو هدايته و توفيقه، و رحمته هو اجتباؤه و تقريبه، و قيل: فضل اللّه الإسلام، و رحمته القرآن، و قيل:

فضل اللّه هداية الدين، و رحمته جنة النعيم، و قيل: فضل اللّه توحيد الدليل و البرهان، و رحمته توحيد الشهود و العيان، و قيل غير ذلك، و اللّه تعالى أعلم.

و لما كان الفرح بالطاعة قد يتوهم أنه فرع رؤيتها، و النظر إليها رفع ذلك بقوله:


[1] - رواه مسلم( 4/ 1994)، و الترمذي( 4/ 656)، و أحمد في المسند( 5/ 154).

اسم الکتاب : ايقاظ الهمم فى شرح الحكم المؤلف : ابن عجيبة    الجزء : 1  صفحة : 155
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست