اسم الکتاب : ايقاظ الهمم فى شرح الحكم المؤلف : ابن عجيبة الجزء : 1 صفحة : 132
في صحبة الإخوة، و أما صحبة الشيخوخة فكل ما
أمر به الشيخ أو أشار إليه أو فهمت أنه يحب ذلك، فلابد أن تبادر إليه بقدر
الإمكان، و لو كان محالا عادة لأخذت في التهيؤ للفعل. قال شيخ شيوخنا سيدي العربي
بن أحمد بن عبد اللّه:
الفقير الصديق هو الذي إذا قال له شيخه ادخل في عين المخياط لا يتردد
و يقوم يبادر في امتثال ما أمر، و لو كان لا يتأتى منه ذلك. و قال أيضا: صاحبي هو
الذي نفتله بشعره انتهى. و قال سيدي علي رضي اللّه تعالى عنه في كتابه: اعلم أنه
لا يقرب طالب اللّه إلى اللّه شيء مثل جلوسه مع عارف باللّه إن وجده، و إن لم
يجده فعليه بذكر اللّه ليلا و نهارا قائما و قاعدا مع العزلة عن أبناء الدنيا،
بعدم الجلوس معهم و عدم الكلام كذلك، و عدم النظر فيهم لأنهم سمّ خارق، و لا يبعد
من اللّه شيء مثل جلوسه مع فقير جاهل، و الفقير الجاهل أقبح من العامي الغافل
بألف ضعف، و الجلوس مع العارف باللّه أفضل من العزلة، و العزلة أفضل من الجلوس مع
العوام الغافلين، و الجلوس مع العامي الغافل أفضل من الجلوس مع الفقير الجاهل، لا
شيء في الوجود يسوّد قلب المريد مثل جلسة مع الفقير الجاهل، كما أن العارف باللّه
يجمع بين العبد و مولاه بنظرة أو بكلمة، كذلك الفقير الجاهل باللّه ربما أتلف
المريد عن مولاه بنظرة أو بكلمة فما فوقها، يرحم اللّه المجذوب حيث يقول في بعض
كلامه: الجلسة مع غير الأخيار، ترذل و لو تكون صافيا انتهى. و قال سهل بن عبد
اللّه رضي اللّه تعالى عنه: احذر صحبة ثلاث من أصناف الناس: الجبابرة الغافلين، و
القراء المداهنين، و المتصوفة الجاهلين انتهى. و زاد الشيخ زروق: علماء الظاهر
قال: لأن نفوسهم غالبة عليهم انتهى.
قلت: الجلوس معهم اليوم أقبح من سبعين عاميّا غافلا، و فقيرا جاهلا
لأنهم لا يعرفون إلا ظاهر الشريعة، و يرون أن من خالفهم في هذا الظاهر خاطئ أو
ضال، فيجهدون في رد من خالفهم يعتقدون أنهم ينصحون و هم يغشون، فليحذر المريد من
صحبتهم و القرب منهم ما استطاع، فإن توقف في مسألة و لم
اسم الکتاب : ايقاظ الهمم فى شرح الحكم المؤلف : ابن عجيبة الجزء : 1 صفحة : 132