responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : اللطائف الالهية فى شرح مختارات من الحكم العطايية المؤلف : الكيالي، عاصم إبراهيم    الجزء : 1  صفحة : 71

الديني، فيعرف معنى قوله تعالى: لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلى‌ ما فاتَكُمْ وَ لا تَفْرَحُوا بِما آتاكُمْ‌ [الحديد: 23] و المؤمن إذا أعطاه اللّه تعالى شكر، فأثابه اللّه تعالى على هذا الشكر، و إذا منعه صبر، فأثابه اللّه تعالى على هذا الصبر، فكل شؤون المؤمن خير، و هذا هو عين اللطف الإلهي بعباده، فمتى أعطاهم أشهدهم برّه، و متى منع عنهم أشهدهم قهره، و هو في كل ذلك متعرف إليهم بإشهادهم لطفه تعالى عليهم.

الحكمة الثامنة عشرة[1] «نعمتان ما خرج موجود عنهما، و لا بدّ لكلّ مكوّن منهما: نعمة الإيجاد، و نعمة الإمداد».

شرح الحكمة: هذه الحكمة تتحدث عن نعمة إيجاد المخلوقات من العدم، و عن نعمة إمدادها بالوجود، و قبل الشروع في بيان معناها العام، أشرح بعض الألفاظ الواردة فيها، ليسهل علينا بعد ذلك فهمها. إنّ المراد بكلمة (موجود): ممكن الوجود و هو: ما يتصور في العقل وجوده و عدمه، و يسمى أيضا بالجائز، أي: يجوز في حقه الوجود و العدم، و يسمى أيضا بالحادث، أي: حدث بعد أن لم يكن. و المراد من قوله (مكوّن) أي: مخلوق من كون الشي‌ء أي: أحدثه و أوجده. و هي تبين المراد من كلمة موجود الواردة سابقا، فخرج بها الموجود الواجب كذاته اللّه تعالى و صفاته.

أشرع في بيان معنى الحكمة العام فأقول: إن كل ما سوى اللّه تعالى من المخلوقات أصله العدم السابق على الوجود، قال اللّه تعالى: هَلْ أَتى‌ عَلَى الْإِنْسانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئاً مَذْكُوراً (1) [الإنسان: 1] و قال اللّه تعالى: وَ قَدْ خَلَقْتُكَ مِنْ قَبْلُ وَ لَمْ تَكُ شَيْئاً [مريم: 9] فأول نعمة أنعمها اللّه تعالى على الموجودات هي إخراجها من العدم إلى الوجود فهذه هي نعمة الإيجاد.

و أما النعمة الثانية فهي نعمة الإمداد و بيانها: أن الكائنات بعد وجودها من العدم دائمة الافتقار إلى غنى اللّه تعالى ليمدها بالبقاء، قال اللّه تعالى:* يا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَراءُ إِلَى اللَّهِ وَ اللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ (15) [فاطر: 15] و قال اللّه تعالى: إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ أَنْ تَزُولا [فاطر: 41] فالعالم دائم الاحتياج إلى أن يمده اللّه تعالى بأسباب وجوده من المنافع التي تقتضي بقاء صورته و معناه، قال الشيخ أبو


[1] - و رقمها( 97) في النص الكامل للحكم.

اسم الکتاب : اللطائف الالهية فى شرح مختارات من الحكم العطايية المؤلف : الكيالي، عاصم إبراهيم    الجزء : 1  صفحة : 71
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست