اسم الکتاب : اللطائف الالهية فى شرح مختارات من الحكم العطايية المؤلف : الكيالي، عاصم إبراهيم الجزء : 1 صفحة : 132
[5- الاستسلام إلى اللّه، و التّضرّع
إليه، و حسن الظّنّ به، و تجديد التّوبة إليه]
و مما كتب به لبعض إخوانه و بعد فلا أرى شيئا
أنفع لك من أمور أربعة: الاستسلام إلى اللّه، و التّضرّع إليه، و حسن الظّنّ به، و
تجديد التّوبة إليه و لو عدت إلى الذّنب في اليوم سبعين مرّة.
ففي الاستسلام إليه الرّاحة من التّدبير معه عاجلا، و الظّفر بالمنّة
العظمى آجلا، و السّلامة من الشّرك بالمنازعة، و من أين لك أن تنازعه فيما لا
تملكه معه، و ألق نفسك في مملكته فإنّك قليل في كثيرها، و صغير في كبيرها، يدبّرك
كما يدبّرها، فلا تخرج عمّا هو لك من العبوديّة، إلى ما ليس لك من ادّعاء وصف
الرّبوبيّة، فإنّ التّدبير و الاختيار، من كبائر القلوب و الأسرار و تجد ذلك في
كتاب اللّه تعالى، قال اللّه تعالى: وَ رَبُّكَ يَخْلُقُ ما
يَشاءُ وَ يَخْتارُ ما كانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ سُبْحانَ اللَّهِ وَ تَعالى
عَمَّا يُشْرِكُونَ (68) [القصص: 68].
و أمّا التّضرّع إلى اللّه تعالى ففيه نزول الزّوائد، و رفع
الشّدائد، و الانطواء في أردية المنن، و السّلامة من المحن، فتعوّض جزاء ذلك أن
يتولّى مولاك الدّفع عن نفسك في المضارّ، و الجلب لك في المسارّ، و هو الباب
الأعظم، و السّبيل الأقوم، يؤثّر مع الكفران، فكيف لا يؤثّر مع الإيمان؟ ألم تسمع
قوله تعالى: وَ إِذا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ
إِلَّا إِيَّاهُ فَلَمَّا نَجَّاكُمْ إِلَى الْبَرِّ أَعْرَضْتُمْ وَ كانَ
الْإِنْسانُ كَفُوراً (67) [الإسراء: 67] أي فأجابكم،
و هو الباب الذي جعله اللّه تعالى بينه و بين عباده، ترد واردات الألطاف على من
توجّه إليه، و تتوالى المنن على من وقف به عليه، و يصل إلى حقيقة العناية من دخل
منه إليه، و متى فتح عليك به فتح عليك من كلّ خيراته، و أوسع هباته، و تجد ذلك في
كتاب اللّه تعالى. قال اللّه تعالى: فَلَوْ لا إِذْ
جاءَهُمْ بَأْسُنا تَضَرَّعُوا [الأنعام: 43].
اسم الکتاب : اللطائف الالهية فى شرح مختارات من الحكم العطايية المؤلف : الكيالي، عاصم إبراهيم الجزء : 1 صفحة : 132