من يسر يضربه و يضحك لذلك، و قد يخالف بعضهم
بعضا اختلافات أخر من الاخلاق.
و اذا كان الأمر على ما قيل في ذلك فقد يجب على الطبيب معرفة الخلق
الطبيعي و ما الفرق بينه و بين الخلق التأديبي ليمتحن حالات النفوس و أعراضها
بالطبيعي لئلا يغلطه الخلق الذي قد اصلحه الأدب و العادات المحمودة. و كما ان
مصاحبة الاخيار و الافاضل تكسب الفضايل و صلاح النفس كذلك مصاحبة الأشرار و اهل
العادات المذمومة قد تفسد أخلاق كثير من الناس و تنقلهم عن جيد الطباع الى غيره
فلذلك يجب ان يأخذ الطبيب نفسه اولا ثم من قصد تدبيره باصلاح النفس و اعراضها و
يهتم بذلك اكثر من غيره اذا كان تمام الانسان بنفسه و التمام أشرف من المتمم و
فيما ذكرناه من هذه الجمل تنبيه على استيفاء هذا الغرض من كتبه و حثا على الاهتمام
به و قراءة ما قاله جالينوس و غيره في ذلك فان[1]
جالينوس قد بين في كتابه في القوى الطبيعية و في كتابه في آراء بقراط و فلاطن في
كتابه من أخلاق النفس و في مقالته التي يبين فيها ان قوى النفس تابعة لمزاج البدن
أصول على افعال النفس و اخلاقها و ساير اعضائها و يبين ايضا ان هذه القوى الثلاث[2] التي سماها[3]
كثير من القدماء نفوسا أعني النفس الناطقة و النفس الحيوانية و النفس النباتية لكل
واحدة منها مسكن و محل يختص بأفعالها فمحل النفس الناطقة الدماغ و محل النفس
الحيوانية القلب و محل النفس النباتية و هي الشهوانية الكبد. و بغير شك ان بصحة
هذه الأعضاء تصح هذه[4] النفوس
بأفعالها و بمرضها تفسد، فاذا كان كذلك فقد وجب ما قلناه فيما تقدم و هو انه يلزم
الطبيب علم حالات هذه الاعضاء اذا اراد معرفة الاعراض النفسانية، و لما كان كلامنا
في الاعراض النفسانية الان انما هو لأجل انها أحد الأمور الطبيعية التي عددناها
فيما تقدم و هي حالات الهواء و الحركة و السكون و المأكول، و المشروب و الاستفراغ
و الاحتقان و النوم و اليقظة و الاعراض النفسانية و البلدان و الاعمال و ساير ما
تبقى منها مما قدمنا ذكره و كان ذكرنا لهذه الأمور الطبيعية ضرورة[5] في حفظ صحة البدن بأسره و في