(و من أخلاقهم رضي اللّه تعالى عنهم):
رؤيتهم نفوسهم أنهم من أفسق الناس و أن مثلهم لا يستحق أن يجيب اللّه له دعاء، و
لذلك كان أحدهم يمتنع من أن يخرج مع الناس للاستسقاء و دفع الوباء، و قد كان سعيد
بن جبير يقول: قحط الناس في زمن ملك من ملوك بني إسرائيل فاستسقوا فلم يسقوا، فقال
الملك: إن لم يرسل اللّه علينا السماء و إلا آذيته، قيل كيف تقدر أن تؤذيه و هو
الحق تعالى مستحيل عليه أن يكون في السماء لأنه تعالى منزه عن المكان و الزمان،
قال: أقتل أولياءه و أهل طاعته فيكون ذلك له أذى، فأرسل اللّه تعالى عليهم السماء
فضلا منه و حلما.
و قالوا لمالك بن دينار: ألا تخرج معنا للاستسقاء فقال أخاف أن تمطر
عليكم حجارة لأجلي، و كان يقول: إنكم تستبطئون المطر و أنا أستبطئ الحجر، و كان
وهب بن منبه يقول: خرج عيسى 7 يستسقي فخرج فضجر و لم يسق، فقال: من أذنب
منكم ذنبا فليرجع، فرجع الناس كلهم إلا واحدا فقال له أما لك ذنب؟ فقال: نعم نظرت
مرة إلى امرأة فلما ولت أدخلت إصبعي في عيني هذه فقلعتها، فقال له عيسى 7: فادع اللّه للقوم، فدعا فجللت السماء لوقتها و أمطروا.
و خرج موسى 7 ثلاثة أيام يستسقي فلم يسق فأوحى اللّه إليه
أن فيكم رجلا نماما فلا أستجيب لكم و هو فيكم، فقال موسى: يا رب من هو حتى نخرجه
من بيننا، فقال يا موسى: أنهاكم عن النميمة و أكون نماما، فقال موسى 7:
توبوا كلكم عن النميمة فتابوا فسقوا في الساعة، و كان سفيان الثوري يقول قحط بنو
إسرائيل سبع سنين حتى أكلوا الميتة و الأطفال، فكانوا يخرجون إلى الجبال و يتضرعون
فلا يجابون، فأوحى اللّه إلى موسى أن قل لهم لو عبدتموني حتى صرتم كالسوط البالي
ما قبلت لكم دعاء حتى تردوا المظالم إلى أهلها، و أصاب بني إسرائيل مرة أخرى قحط
فاستسقوا فلم يسقوا، فأوحى اللّه تعالى إلى موسى 7 كيف أستجيب لهم و قد
خرجوا بأبدان نجسة و رفعوا إلى أكفا قد أكلوا بها الحرام حتى ملئوا بطونهم فلا
يزدادون مني إلا بعدا و قحطا فليتوبوا و أنا أرفع عنهم القحط.
و قحطوا مرة أخرى حتى أكلوا الكلاب الميتة، و كانوا يستسقون فلا
يسقون، فأوحى اللّه تعالى إلى موسى قل لهم: لو مشيتم بأقدامكم حتى تجثوا على ركبكم
و يبلغ عملكم عنان السماء و تكل ألسنتكم من الدعاء فإني لا أجيب لكم داعيا و لا
أرحم فيكم باكيا حتى