ينبغي لأحد من أهل النار أن يدخل النار و لا
ينبغي لأحد من أهل الجنة أن يدخل الجنة و لأحد عنده مظلمة حتى أقتص له منه، و قد
كان وهب بن منبه رحمه اللّه تعالى يقول:
تاب شاب من بني إسرائيل عن جميع المعاصي حتى صار يتعبد، فعبد اللّه
سبعين سنة لا يفطر و لا ينام و لا يستظل بظل و لا يأكل سمينا، فلما مات رآه بعض
إخوانه في المنام، فقال له: ماذا فعل بك اللّه؟ قال: حاسبني ثم غفر لي كل ذنب إلا
عودا خللت به أسناني بغير إذن صاحبه فأنا محبوس عن الجنة بسببه إلى وقتي هذا.
(قلت): و يؤيد ذلك حديث [إن اللّه تعالى أخفى ثلاثا في ثلاث، أخفى
رضاه في طاعته، و أخفى سخطه في معصيته، و أخفى أولياءه في عباده] الحديث، فربما
علق الحق تعالى سخطه على عبد بوقوعه في ذنب صغير في عينه كأخذه الخلال المذكور
لأسنانه أو غسل يده بتراب جاره بغير إذنه كما مر آنفا و اللّه أعلم.
و كان الحرث المحاسبي رحمه اللّه تعالى يقول: بلغنا أنه تاب كيال عن
الكيل و أقبل على عبادة ربه عز و جل، فلما مات رآه بعض أصحابه في منامه فقال له:
ما فعل اللّه بك يا فلان؟ قال: أحصى علي خمسة عشر قفيزا من أنواع الحبوب التي كنت
أكتالها، فقال له:
كيف ذلك؟ قال: كنت أغفل عن تعاهد الكيل بالنقص من الغبار فتراكم في
قعره من التراب فكان كل كيلة تنقص بمقدار ما في القعر من التراب، قال: و كذلك وقع
لشخص كان لا يتعاهد الميزان بمسحها من الغبار فكان يعذب في قبره و يسمع الناس
صياحه في القبر حتى شفع فيه بعض الصالحين رضي اللّه عنهم، و كان أبو ميسرة رحمه
اللّه تعالى يقول: بلغنا أن ميتا ضرب في قبره ضربة التهب قبره منها نارا فقال: على
ماذا تضربوني؟ فقالوا: إنك مررت على مظلوم فاستغاث بك فلم تغثه، و صليت مرة بغير
وضوء أي و أنت متحقق، و كان شريح القاضي رحمه اللّه تعالى يقول: إياكم و الرشوة
فإنها تعمي عين الحكيم، و في رواية تعمي عين الحكم الحق.
و قد كان الحسن البصري رحمه اللّه تعالى إذا رأى أحدا من الولاة أو
أعوانهم يتصدق على أحد من الفقراء يقول له: أيها المتصدق على المساكين لترحمهم
ارحم أنت الذي ظلمته ورد إليه ظلامته فإنه أخلص لذمتك، و كان ميمون بن مهران رحمه
اللّه تعالى يقول: من ظلم رجلا مظلمة وفاته أن يخرج من مظلمته فليستغفر له دبر كل
صلاة فإنه يخرج من مظلمته إن شاء اللّه تعالى.
و كان حذيفة رضي اللّه عنه يقول: من اقتراب الساعة أن يكون أمراء
فجرة و علماء فسقة