responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تنبيه المغترين المؤلف : الشعراني، عبد الوهاب    الجزء : 1  صفحة : 217

يقول: إذا منع الرجل الحق من ماله أهلكه اللّه في الماء و الطين، و كان أمير المؤمنين علي رضي اللّه عنه لا يصلي في مسجد مزخرف و قد مر يوما على مسجد بني تميم و كانوا قد زخرفوه و قد حضرته الصلاة فقالوا: يا أمير المؤمنين ألا تصلي في مسجد بني تميم، فقال: لا تقولوا في مسجد بني تميم ثم جاوزه و صلى في مسجد بني ليث و قال: نهينا أن نصلي في مسجد أسس على غير تقوى.

و قد مر عبد اللّه بن مسعود رضي اللّه عنه على مسجد منقوش فقال: لعن اللّه تعالى كل من بنى هذا فإنه أنفق ماله في معصية اللّه تعالى، و إن له بكل درهم أنفقه فيه كية من نار، و قد بلغ عمر بن عبد العزيز أن أساطين في مسجد دمشق قد حمروها و خلقت بالزعفران فكتب إلى عامله إن المساكين أحوج إلى تلك الدراهم من الأساطين.

و قد كان سفيان الثوري رحمه اللّه تعالى يقول: من بنى بناء و نقشه بالأحمر و الأصفر فهو آثم هو و من أعانه، و كان الحسن البصري رحمه اللّه تعالى يقول: كنت أدخل حجر أزواج النبي صلى اللّه عليه و سلم فأتناول سقفها بيدي، و قد جاء رجل إلى الحسن البصري رحمه اللّه تعالى فقال له: إني عمرت دارا و قصدي أن تدخلها و تدعو لي فيها بالبركة، فقال له الحسن: لقد غرك أهل الأرض و مقتك أهل السماء بنيت شديدا و أملت بعيدا و ستموت قريبا.

و قد سئل محمد بن سلام البيكندي رحمه اللّه عن السنة في طول البناء في المساجد و المنازل فقال: قدر قامة الرجل، و كان أحمد بن حرب رحمه اللّه تعالى يقول: من نظر إلى بستان أو بنيان بشهوة من غير عبرة سلبه اللّه تعالى حلاوة العبادة أربعين يوما، و قد كان المعتمر بن سليمان رحمه اللّه تعالى يقول: سقط بيت لنا فلم يبنه أبي و قال: الأمر أعجل من ذلك ثم ضرب لنا خيمة و أدخلنا فيها فنحن فيها ثلاثين سنة اه.

فتأمل يا أخي هذه الأخلاق و استغفر ربك إن وجدت نفسك مخالفا لها فإنه لا شرف للعبد إلا باتباع سلفه الطاهر في الأفعال و الأقوال و الأخلاق، و قد رأيت من عمر له مسجدا فعادى غالب الناس لكونهم لم يساعدوه و صار مقراضا في أعراضهم نسأل اللّه العافية، فمثل هذا عاص للّه سبحانه و تعالى و لعل ثوابه الحاصل ببناء زاويته لا يرضى به أحد من الذين اغتابهم في غيبة واحدة اغتابها فيه، و إذا كان من له مال لا ينبغي له أن ينفقه في الماء و الطين إلا لضرورة شرعية فكيف بمن يسأل الناس أن يساعدوه و يعاونوه في البناء، فاعلم ذلك يا أخي و احذره كل الحذر، و الحمد للّه رب العالمين.

اسم الکتاب : تنبيه المغترين المؤلف : الشعراني، عبد الوهاب    الجزء : 1  صفحة : 217
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست