و قد قال شخص مرة لبشر الحافي رحمه اللّه
تعالى إني أحبك في اللّه، فقال له: ليس ما تقوله حقا و ربما كان حمارك أهم عندك
مني في تذكره عند العشاء فكيف تدعي محبتي، و قال شخص لبشر بن صالح إني أحبك في
اللّه فقال له: ما حملك على الكذب، قال: كيف؟
قال: تدعي أنك تحبني و برذعة حمارك أكثر قيمة من عمامتي و ثيابي.
و قد سئل سفيان بن عيينة رحمه اللّه تعالى عن الأخوة في اللّه تعالى
فقال: هي أن تخرج عن جميع مالك كما خرج الصديق رضي اللّه عنه عن ماله كله لرسول
اللّه صلى اللّه عليه و سلم، و قد سئل بشر الحافي رحمه اللّه تعالى عن الرجل يحب
الرجل و لكنه ربما يمنعه بعض منافع الدنيا أهو صادق في محبته، قال: نعم و لكنه
مقصر عن درجة الكمال.
و كان إبراهيم بن أدهم رحمه اللّه تعالى يقول: من علامة صدق
المتحابين في اللّه عز و جل أن يبادر كل أحد منهم إلى مصالحة صاحبه إذا أغضبه فإنا
لم نجد قط أحدا محبوبا إلى إخوانه و لا يواسيهم كما إنه لم نجد قط غضوبا مسرورا و
لا حريصا غنيا، و قد قيل لعبد اللّه بن عمر رضي اللّه عنهما ما بال أحدنا ينظر إلى
ما خرج منه في الخلاء فلا يكاد يغض طرفه عنه، فقال: لأن الملك يقول له انظر إلى ما
بخلت به على إخوانك إلى ماذا صار.
و كان مالك بن دينار رحمه اللّه تعالى يقول: قد صارت أخوة الناس في
هذا الزمان كمرقة الطباخ طيبة الريح و لا طعم لها، و كان الفضيل بن عياض رحمه
اللّه تعالى يقول:
من شرط الصدق في الأخوة أن يكرم الشخص أخاه إذا افتقر أكثر مما كان
يكرمه حال الغنى، و ذلك لأن الفقر أشرف من الغنى و صاحبه أحق بالإكرام من حيث
المقام لا من حيث حاجة الفقر.
و كان أبو مطيع رحمه اللّه تعالى يقول: لقد أدركنا الناس و هم
يتهادون المماليك و البراذين و الدور و الأطباق من المال فصاروا اليوم يتهادون بالخبز
و الطعام، و عن قريب يترك الناس ذلك و يميتون سنة السلف بالكلية، و قد كان أحدهم
يتعهد أولاد أخيه من حين يرجع من جنازته إلى حين بلوغهم رشدهم فصار الناس ينسى
أحدهم أولاد أخيه و أهله أصلا، و كان إبراهيم التيمي رحمه اللّه تعالى يقول: الرجل
بلا إخوان كاليمين بلا شمال، و قد كان أبو معاوية الأسود رحمه اللّه تعالى ينحت
الحجارة و يتقوت منها فلما كبر قالوا له إنك قد كبرت و عجزت عن ذلك، فقال: و اللّه
إن نحت الحجارة عندي أهون و ألذ من سؤال الناس، و كان سفيان الثوري رحمه اللّه
تعالى يكوم الذهب و الفضة بين يديه و يقول: لو لا هذا