و كان الحسن البصري رحمه اللّه تعالى يقول:
لا تجمعوا بين أدمين فإنه طعام المنافقين، و قد رأى أمير المؤمنين عمر بن الخطاب
رضي اللّه عنه رجلا قد تدلت جلدة بطنه فعلاه بالدرة و قال: إن هذه تشبه جلدة بطن
كافر، و كان رضي اللّه عنه إذا رأى رجلا يشتري اللحم كثيرا يضربه بالدرة و يقول
له: أما علمت أن لهذا اللحم ضراوة كضراوة الخمر.
و قد كان الإمام الأوزاعي رحمه اللّه تعالى يدخل الخلاء كل شهر مرة،
فصار يدخل في الشهر مرتين فكانت أمه تقول لأصحابه ادعوا لعبد الرحمن فإنه قد صار
مبطونا، و كان مالك بن دينار رحمه اللّه تعالى يقول: و اللّه قد استحييت من ترددي
إلى الخلاء كل ثلاثة أيام مرة، و كذلك كان الإمام مالك بن أنس و الإمام البخاري
رضي اللّه عنهما، و كان مالك بن دينار رحمه اللّه تعالى يقول: بلغنا أن رسول اللّه
صلى اللّه عليه و سلم قال: [شرار أمتي الذين يأكلون مخ الحنطة، و و اللّه لقد خلطت
دقيقي بالرماد و أكلته مدة حتى ضعف جسدي و لو أني قويت عليه ما تركته أبدا].
و كان سفيان الثوري و إبراهيم بن أدهم رضي اللّه عنهما إذا لم يجدا
طعاما حلالا استفا الرمال الخمسة عشر يوما أو أكثر، و كان سفيان الثوري رحمه اللّه
تعالى يقول: بت عند الحجاج بن فرافطة رحمه اللّه أحد عشر يوما فما رأيته ذاق طعاما
و لا شرابا و لا قام لشيء سوى الصلاة اه.
فإن قيل إن ما ذكرتموه في هذا الخلق من الطي أكثر من ثلاثة أيام لم
يفعله النبي صلى اللّه عليه و سلم و قد قيدتم هذا الخلق أولا بالجوع الشرعي فما
وجه الزيادة على ثلاثة أيام، فأجاب بعضهم بقوله إن رسول اللّه صلى اللّه عليه و
سلم كان رحمة على أمته، و كان يقول: [اقدروا القوم بأضعفهم] مع أنه صلى اللّه
عليه و سلم قد ورد أنه كان يواصل الصوم فيحتمل أن هؤلاء القوم الذين جاعوا تلك
المدد الطويلة كانوا من الورثة له صلى اللّه عليه و سلم، و يحمل نهيه صلى اللّه
عليه و سلم عن الوصال على من لم يطق ذلك فنهاه عن أن يعذب نفسه لئلا تصير نفسه
تكره العبادة.
و قد بلغنا أن أبا عقال المغربي رحمه اللّه تعالى كان يأكل في كل ستة
أشهر أكلة، و قد سمعت سيدي عليا المرصفي رحمه اللّه تعالى يقول: قد وقع لسيدي عيسى
بن نجم المدفون بساحل بحر البرلس رحمه اللّه تعالى أنه مكث سبعة عشر سنة لا يأكل و
لا يشرب و لا ينام و هو على وضوء واحد اه.
و قد أجاب أيضا بعض المحققين أن هؤلاء الذين كانوا يطوون تلك المدد
الطوال أن