responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تنبيه المغترين المؤلف : الشعراني، عبد الوهاب    الجزء : 1  صفحة : 101

دينار رحمه اللّه تعالى يقول: اتقوا السحارة التي تسحر قلوب العلماء و تلهيهم عن اللّه تعالى- يعني الدنيا- و هي أسحر و أقبح من سحر هاروت و ماروت لأن ذاك يفرق بين المرء و زوجه و هذا يفرق بين العبد و ربه، و كان الحسن البصري رحمه اللّه تعالى يقول: لقد أدركنا الناس و هو يرون الدنيا عندهم كوديعة يؤدونها إلى صاحبها ليس لهم فيها ملك و لذلك ذهبوا إلى الآخرة خفافا.

و كان أبو سليمان الداراني رحمه اللّه تعالى يقول: كل الخبز الحاف و أنت خائف من الدنيا، و إياك أن تعد نفسك بعد ذلك أنك من الزاهدين فإن صغير الدنيا يجر إلى كبيرها من حيث لا يشعر العبد.

و كان سفيان بن عيينة رحمه اللّه تعالى يقول: إنما أكثر القوم من ذكر اللّه تعالى لتبعد عنهم الدنيا فإنهم إذا ذكروا اللّه بعدت و إذا تفرقوا عن الذكر أخذت بأعناقهم، فاعلم ذلك و الحمد للّه رب العالمين.

الاقتداء بالرسول‌

(و من أخلاقهم رضي اللّه تعالى عنهم): استحياؤهم من كثرة ترددهم إلى الخلاء و ذلك بدوام الجوع الشرعي مع الجدة اقتداء برسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم، فقد كان صلى اللّه عليه و سلم يشد الحجر على بطنه الشريف من الجوع، قالت عائشة رضي اللّه عنها لو شاء صلى اللّه عليه و سلم لأكل و لكن كان يؤثر على نفسه. (قلت) قد كان له صلى اللّه عليه و سلم مقام آخر أكمل من هذا و هو أنه كان يبدأ بنفسه و لا يجوع إلا اضطرارا لأن الكامل من شأنه أن يوفي طبيعته حقها لأنه مسئول عنها فما جاع صلى اللّه عليه و سلم اختيارا و آثر على نفسه إلا ليقتدى به في ذلك، فافهم.

و كان عبد الرحمن بن أبي نعيم رحمه اللّه تعالى لا يأكل إلا كل خمسة عشر يوما أكلة، فبلغ ذلك الحجاج بن يوسف فدعاه ثم أمر به فوضع في بيت و أغلق عليه الباب خمسة عشر يوما ثم فتح عليه فإذا هو قائم يصلي.

و كان عبد اللّه بن الزبير رضي اللّه عنهما يطوي الأسبوع فكان لا يأكل إلا يوم السبت، و كان الإمام أبو حنيفة رضي اللّه عنه مقللا في الأكل جدا، كان يأكل كما يأكل الطير في القلة، و لم يكن في بيته إلا الحصير، و قد كان أبو سليمان الداراني رحمه اللّه تعالى يقول:

أحلى ما تكون لي العبادة إذا ألصقت بطني بظهري فإن الحكمة كالعروس تطلب البيت الخالي تنام فيه لتخلو فيه بصاحبها.

اسم الکتاب : تنبيه المغترين المؤلف : الشعراني، عبد الوهاب    الجزء : 1  صفحة : 101
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست