responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الطريق الى الله تعالي من كلام الشيخ الأكبر محيى الدين ابن العربى المؤلف : غراب، محمود محمود    الجزء : 1  صفحة : 98

العاقلة تلك القوة إلا بالفهم، فلا يحركه إلا الفهم، و الحركة انتقال من حال إلى حال، أي من حال يكون عليه السامع، إلى حال يعطيه سماعه عند كلام المتكلم، و هو فيه بحسب فهمه، فهو مجبور على الحركة، و لهذا لا تسلّم الصوفية حركة الوجد الذي يبقى معه الإحساس بمن في المجلس، حتى تسلم له حركته باللّه، فمهما أحس تعين عليه أن يحكي، إلا أن يعرّف الحاضرين بأنه متواجد لا صاحب وجد، فيسلم له ذلك، و لكن لا تحمد هذه الحالة عندهم على كل حال، لأنهم يكرهون الحركة في الأصل بنفس المتحرك، و يحمدونها بالمحرّك.

فإذا كان الرجل ممن يجد قلبه في النغمات، و أعني بذلك وجود النغمة في الشعر و غيره، حتى في القرآن، إذا وجد قلبه فيه لحسن صوت القارى‌ء، و لا يجد قلبه فيه عند ما يسمعه من قارى‌ء غير طيب الصوت، فلا يعول على ذلك الوجد، و لا على ما يجد فيه من الرقة في الجناب الإلهي، فإنه معلول و تلك رقة الطبيعة، إلا إذا كان عارفا بالتفصيل، و يفرق بين سماعه الإلهي و الروحاني و الطبيعي‌[1]، ما يلتبس عليه و لا يخلط، و لا يقول في سماع الطبيعة إنه سماعه باللّه، فمثل هذا لا يحجر عليه، و لا سيما إن كان ممن يقتدى به من المشايخ، فيستتر به المدعي الكاذب أو الجاهل بحاله و إن لم يقصد الكذب، فإن تحرك المدعي، و أخذه الحال، و دار أو قفز إلى جهة فوق من غير دور، و قد غاب عن إحساسه بنفسه و بالمجلس الذي هو فيه، فإذا فرغ من حاله و رجع إلى إحساسه، فاسأله ما الذي حركه؟ فيقول:- إن القوال قال كذا و كذا، ففهمت منه معنى كذا و كذا، فذلك المعنى حرّكني، فقل له:- ما حركك سوى حسن النغمة، و الفهم إنما وقع لك في حكم التبعية، فالطبع حكم على حيوانيتك، فلا فرق بينك و بين الجمل في تأثير النغمة فيك، فيعز عليه مثل هذا الكلام و يثقل و يقول لك: ما عرفتني و ما عرفت ما حركني، فاسكت عنه ساعة، فإن صاحب هذه الدعوى تكون الغفلة مستولية عليه، ثم خذ معه في الكلام الذي يعطي ذلك المعنى، فقل له: ما أحسن قول اللّه تعالى حيث يقول: و اتل عليه آية من كتاب اللّه تتضمن ذلك المعنى، الذي كان حركه من صوت المغني، و حققه عنده حتى يتحققه، فيأخذ معك فيه و يتكلم، و لا يأخذه لذلك حال و لا حركة و لا فناء، و لكن‌


[1] - راجع كتابنا الحب و المحبة الإلهية.

اسم الکتاب : الطريق الى الله تعالي من كلام الشيخ الأكبر محيى الدين ابن العربى المؤلف : غراب، محمود محمود    الجزء : 1  صفحة : 98
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست